ترشيد الاقتراض الخارجي
القرض الجديد الذي وافق عليه مجلس النواب مؤخرا لتمويل مشروع القطار الكهربائي أعاد فتح ملف الاقتراض الخارجي مجددا.. فإن هذا القرض كبير حيث يتجاوز ملياري يورو، وسوف نظل نسدد أقساطه وفوائده حتى عقدين من الزمان، في وقت نتعرض فيه منذ العام الماضي بضغوط الديون الخارجية، وسوف تستمر هذه الضغوط حتى العام المقبل، وهذا يفسر اعتراضات بعض النواب على هذا القرض الجديد الكبير.
وبدون مقدمات نحن بالفعل نحتاج إلى فتح ملف الاقتراض من الخارج فعلا، حتى ولو كان مجلس النواب لم يوافق على قرض الملياري يورو لتمويل القطار الكهربائي.. فإن ديوننا الخارجية في ارتفاع مستمر خلال السنوات الأخيرة حتى بلغت 155 مليار دولار مقابل ثلث هذا المبلغ عام 2011، وأعباء هذه الديون، بالتالي تتزايد وصارت مرهقة لنا منذ العام الماضي لأنها تجاوزت 20 مليار دولار، وبلغت 17 مليار دولار هذا العام، وستبلغ 20 مليار دولار العام المقبل.
وطبقا للبنك المركزي المصري ما زالت المؤشرات التي يعتمدها ترى أن ديوننا آمنة، وما زالت الحكومة تؤكد أننا لم ولن نتوقف عن سداد أعبائها من أقساط وفوائد.. لكن مع ذلك فإن ديوننا الخارجية زادت خلال السنوات الماضية بمعدل يفوق معدل النمو الاقتصادي، وهذا أمر لا يطمئن اقتصاديا، غير أن الأمر الذي يقلق أننا بدأنا نقترض لنسدد ديونا قديمة.
لذلك نحن نحتاج إلى أن نعيد النظر في كل سياسات الاقتراض من الخارج، لكي نحدد متى نقترض ولماذا نقترض، في ظل توفر القدرة على السداد بالطبع.. وهذا ليس عيبا، وسبق أن فعلناه في التسعينيات من القرن الماضي، حينما قمنا بترشيد اقتراضنا من الخارج بشكل صارم، بعد أن ظفرنا بإسقاط بعض ديوننا وإعادة جدولة الباقي بعد حرب تحرير الكويت، وبقينا متمسكين بذلك حتى بداية العقد الثاني من الألفية الجديدة.
وأعتقد أن الحوار الوطني الذي سوف ينطلق الأسبوع المقبل يعد فرصةَ مناسبة للتوافق على سياسة جديدة للاقتراض من الخارج لتخفيف عبء الدين الخارجي علينا، خاصة أننا نعاني أزمة في النقد الأجنبي.