دورة القتل اليومية.. تلك!
ما لهذه الأرض تنزف دماء في كل بقعة! لا يكاد يوجد مكان في العالم الإ وفيه نزاع أو صراع أو حرب أو كراهية تهيئ لحرب! "قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ۖ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَىٰ حِينٍ"، قالها الله سبحانه وتعالى حين طرد سيدنا أدم من الجنة إذ عصى ربه وخضع لوسوسة الشيطان واقترب من الشجرة وظلم نفسه وحواء طمعا في الخلود!
من يوم أن هبطنا جميعا ونحن في عداء وبلاء، كل يبحث عن البقاء إلى الأبد، على حساب الآخر. قدر دام مكتوبا، وتعجب إذ تعجب أن حربا في السودان بين الأشقاء وفي أوكرانيا بين شعبين كانا في دولة واحدة، وفي اليمن حيث شعب واحد، وفي ليبيا الشرق والغرب وعلى الحدود مع تركيا والعراق وسوريا، وفي فلسطين، وحربا في آسيا وشيكة بين بكين وتايوان بالنيابة عن أمريكا.
حروب. حروب. حروب متواصلة، كأن كل البشر تحولوا إلى عملاء مخلصين لإبليس، وتعجب إذ تعجب حين يشن الحرب القوى القادر الغنى المتسلط، يريد الهيمنة على الكوكب، لا ينازعه أحد في سلطانه، وتعجب إذ تعجب حين ترى القوم في دول فقيرة تتنازع السلطان على خرائب وفتات طعام وبقايا بشر، وهؤلاء يقبعون في القارة المنكوبة أفريقيا.
قتل وخراب
وتتحقق كلمات الله فيما يأتيه البشر من أفعال مذهلة، إذ سلط الله الناس على أنفسهم، فيما بات يعرف بثورات الشعوب، ثورات ينقلب فيها شعب علي وطنه وعلى طعامه وشرابه وأمانه، فيمزقه ويخربه ويدمره، ويتشرد الشعب، ويجوع، ويهاجر ويبحث عن الأمان والخبز متسولا لدى شعوب أخرى، منها من حرض أساسا على التخريب، ومنها من يتعالى على من لجأ واحتمى، ومنها من يرفض اللجوء!
كل ما كتبه الله علينا من كبد يتحقق. هل تحقق بمثل هذا القدر من قبل؟ هل كان بكل هذا العنف والاحترافية فيما مضى من حقب وبشر؟ العقل يقول أن كل عنف يليق بحقبته وأدواتها، فالمقصلة والسيف والسكين والساطور، والآت تفسيخ الشخص عضوا عضوا، والخوازيق، كانت جميعا ادوات الرعب وقتها، لم يخطر على قلب أحد وقتها ما سوف تحصل عليه البشرية من أدوات أبشع، لكنها تحقق القتل الجماعي السريع والخراب الشامل الاسرع، قتل الناس، وقتل المكان.
ما نهاية هذه الشرور، والدماء التى تسيل، والقتل على العداد في فلسطين المحتلة، والصمت الدولى المزري؟ لا نهاية، ولن تكون نهاية؟ الرغبة في التسلط، وفي الخلود، والطمع، والتعالى مفردات تحرك السلوك الإنساني مذ هبط إلى الأرض، فصار كل منا عدوا للآخر..
ولولا أن أنزل الله الرسل والنبيين، لتحول كل البشر إلى أبالسة، ومع ذلك فإن دعوات هؤلاء الرسل الكرام وكتبهم المنزلة من لدن الله، تفرقت عليها قلوب الناس وتنازعوا فيما فيها وتراموا باتهامات التكفير، والمروق، والخروج على الملل.
حقا.. "قُتِلَ الإنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ"، عفوا تلك نفثة قلم بات قلبه مثقلا جراء كل هذا لبلاء المتفشى بين البشر، حروب وكراهية وجوع وخوف وقتل بلا ملل..
للأسف انتهى عصر الأنبياء..