كورونا انتهت.. وتبقى الأسئلة حائرة!!
أخيرًا أعلنت منظمة الصحة العالمية أن جائحة كورونا لم تعد حالة طوارئ صحية عالمية.. وهو ما يزيح كابوسًا مخيفًا جثم على البشرية بضع سنوات وحصد أرواح أكثر من 20 مليون شخص، وخلّف خسائر وفوضى اقتصادية عمّقت انعدام المساواة وغياب العدالة الصحية بين الدول؛ خصوصًا في الحصول على اللقاحات اللازمة لمجابهة الوباء.
صحيح أن فيروس كورونا لن يختفي من الوجود وأن الجائحة لم تنته بعد؛ وهو ما يستلزم التحلى بالحذر لاسيما وسط الجموع الحاشدة وفي الأماكن المغلقة؛ فالإصابة بالفيروس رغم تراجع خطورتها لكنها قد تفضي إلى متلازمات مرضية تترك أثرًا يصعب تجاوزه لدى كثير من المرضى ضعفاء المناعة.
انتهت طوارئ كورونا لكن نتائجها الكارثية لم تنته بعد؛ فلا تزال البشرية تتجرع تداعياتها؛ حزنًا على فقدان أرواح أحبة لا تزال ذكراها حاضرة بقوة في القلوب والأذهان.. وهو ما يفجر أسئلة حائرة قديمة متجددة لم تجد لها إجابة حاسمة من عينة:
لغز مختبر ووهان
هل كان الفيروس من صنع الإنسان، وهل تسرب حقا من مختبر ووهان الصيني كما زعم العالم الأمريكي أندرو هوف أحد الذين عملوا في ذلك المختبر يومًا ما، متهمًا إياه بافتقاد إجراءات الأمان اللازمة في تجاربه، ما أدى إلى تسرب الفيروس في النهاية، وهو ما نفاه مسئولون حكوميون صينيون في وقتها.. لكن هوف لم يكتف باتهام المعمل الصيني بل ألقى باللائمة على سلطات بلاده لإخفاقها الاستخباراتي في التعامل مع هذا الأمر.
ولم يكن أندرو هوف وحده الذي تبني فرضية تسرّب فيروس سارس-كوف-2 (SARS-CoV-2) من مختبر ووهان بل شاطره علماءآخرون تلك الفرضية ورأوا ضرورة حملها على محمل الجد.. لكن البحث عن أصل كوفيد-19 لا يسلم من التعقيد والجدل!!
تيدروس أدهانون غيبريوسس، المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، ذهب هو الآخر في الاتجاه ذاته قائلًا إن الصين لم تكن في يوم من الأيام متعاونة ولا شفافة، ودائمًا لا تسمح بالحصول على بيانات وعينات كاملة، وقد أدى افتقار بكين للشفافية إلى إعاقة جهود منظمة الصحة العالمية، التي أرسلت فريق باحثين مستقلين إلى ووهان في يناير وفبراير 2021 لإجراء تحقيقات معمقة في تلك المسألة!!
عالم الفيروسات السويسري الشهير، ديدييه ترونو، قال إن القضية أصبحت سياسية أكثر منها علمية، وقد أبدى تشاؤمه إزاء إمكانية معرفة ما حدث بالفعل، رغم أهمية ذلك للوقاية من الأوبئة المستقبلية وإدارتها.
يقول ديدييه ترونو: "يجب أن لا نفاجأ لعدم التوصل إلى إجابة محددة، بسبب الصعوبات العلمية والمؤثرات السياسية، لكن احتمال انتقال فيروس كورونا من الحيوان إلى الإنسان لا يزال، في المرحلة الحالية، كبيرًا".. الأمر الذي يعنى أن فرضية تسرب الفيروس من الصين لا تزال في حاجة لأدلة دامغة حاسمة!
فهل ستبقى البشرية عاجزة عن الوصول إلى حقيقة هذا الفيروس الذي يقف وراء أسوأ جوائح القرن الحادي والعشرين.. وهل يظل الأمر سجالًا بين تغافل وتصارع وعرقلة تحقيقات.. وهل ألقت السياسة بظلالها وتأثيراتها لتتوه الحقائق.. ويبقى الوصول لحسم القضية مهمة شبه مستحيلة؟!