رئيس التحرير
عصام كامل

ابن الحاج أحمد يعمق جراح السينما المصرية!

لا جدال على أهمية السينما (الفن السابع) في حياة الشعوب منذ نشأتها على يدي الأخوين الفرنسيين لومير عام 1895، ومن وقتها وهي تلعب أدوارًا  تنويرية وتثقيفية وتعليمية بجانب دورها الترفيهي، وكانت ومازالت انعكاسًا ومرآةً لحركة المجتمع  ومدى تطوره وتقدمه في كل الأوقات، والمعبرة عن مشاكله وهمومه وتطلعاته..

 

وإحقاقًا للحق فقد أجادت السينما المصرية في القيام بهذه الأدوار في فترات عديدة، خاصةً خلال العصر الذهبي لها في الخمسينيات والستينيات وبعضًا من السبعينيات والثمانينيات،  وساهمت في إصدار قوانين مهمة وأثارت حوارات مجتمعية ثرية، قبل أن تشهد حالة من التراجع كمًا وكيفًا، بفعل التراجع في معظم مجالات الحياة وظهور أفلام المقاولات ثم موجة أفلام الكوميديا والشباب التي خلت غالبيتها  من المضمون والقيمة..

 

 اللهم إلا من بعض التجارب السينمائية الجيدة للثلاثي عادل إمام ووحيد حامد وشريف عرفة ولنور الشريف وعاطف الطيب، إضافةً لبعض أعمال المخرجين محمد خان وداوود عبد السيد وسمير سيف، واستمر هذا التراجع بل وازدادت وطأته في السنوات الأخيرة مع ظهور أجيال سينمائية جديدة من المؤلفين والمخرجين والممثلين أغلبهم لا يؤمنون بدور السينما وأهميتها في المجتمع ويرونها وسيلة للترفيه والإضحاك ليس إلا! 

 

وهنا تكمن المشكلة التي لابد من البحث عن حلول لها، حتى تعود السينما المصرية إلى سابق عهدها في تأدية دورها بالمجتمع، لاسيما ونحن في أشد الاحتياج لهذا الدور في ظل الظروف بالغة الصعوبة والتعقيد التي يعيشها المجتمع  في كل مجالات الحياة، ومعذرةً على هذه المقدمة  الطويلة، فالأمر جد خطير  خاصةً مع تزايد الأفلام التي تعمل على تسطيح العقول وتنييم الناس وتهوى بالأذواق إلى هوة سحيقة لا خراج منها!

إيرادات معقولة ولكن ؟


بعد سنوات عديدة من البطولات المشتركة منذ فيلم ورقة شفرة عام  2008 مع رفيقي الدرب أحمد فهمي وهشام ماجد ثم سميروشهير وبهير ثم بنات العم والحرب العالمية الثالثة، ثم مع الأخير بعد انفصال الأول عنهم،  قرر الكوميديان والكاتب شيكو الاتجاه للبطولة السينمائية المطلقة بمفرده بفيلم ابن الحاج أحمد وهو الذي رأى  الكثيرون وأنا منهم، أنه أكثر الثلاثي موهبةً في الكوميدية وأولهم استحقاقًا للبطولة المطلقة إن كانت حتمية! 

 

فقد كنت أفضل بقاء الثلاثي معًا علهم يذكروننا ب فرقة ثلاثي أضواء المسرح للراحلين الضيف أحمد وسمير غانم وجورج سيدهم، ولكن نعرة النجومية وحب الذات وإغراء البطولة المطلقة، دفع الثلاثي الجديد للانفصال وكما كان متوقعًا لم يحقق كلا من فهمي أو هشام نفس النجاح بمفرده الذي تحقق للثلاثي مجتمعين، ورغم ذلك لم يتعظ شيكو وذهب في طريقه وحده!

 

فكان  هذا الفيلم ابن الحاج أحمد  الذي بدأ عرضه في موسم عيد الفطر قبل  أكثر من أسبوعين، فكرة المخرج عمرو سلامة، سيناريو وحوار أحمد المحمدي ومحمد محي وإخراج معتز التوني وشارك في البطولة سيد رجب وصبري فواز ورحمة أحمد وعايدة رياض، مع ضيوف الشرف محمد لطفي وبيومي فؤاد وهشام ماجد ومحمد عبد الرحمن وإخراج معتز التوني وحقق الفيلم حتى الآن 11 مليون جنيهًا في شباك التذاكر، محتلًا المركز الرابع بين السبعة أفلامٍ المعروضة منذ عيد الفطر، وهي إيرادات معقولة قياسًا بأسماء نجومه ومستواه بصفة عامة!


فيلم منزوع الضحك


الفيلم المصنف في خانة الكوميديا جاء للأسف أبعد ما يكون عن الكوميديا، فيلم منزوع الضحك! بل وجعلني أشعر بالندم لمشاهدته بأحد دور العرض بوسط القاهرة، التي شدني الحنين اليها بعد سنوات طويلة ونزولًا عند رغبة أفراد أسرتي الصغيرة ويا ليتني ما فعلت! 

 

فقد شاهدت فيلمًا مملًا لا توجد له فكرة ولا مضمون واضح! يحكي عن شاب اسمه أحمد وكنيته 'شلتة' فاشل في كل شيءٍ حتى في إدارة حانوت البقالة الذي يملكه والده القعيد، فجأةً دون مقدمات تظهر مجموعة من الرجال يمطرون الحانوت بوابل من الرصاص والأسلحة الثقيلة والمدهش أننا نفاجئ بالأب القعيد وقد قفز من كرسيه المتحرك وتحول إلى بطل مغوار!

 

يأخذ ابنه الوحيد ويهرب بسيارة فائقة السرعة وسط ذهول أفراد العصابة وكل من في قاعة العرض! لتبدأ سلسلة من المطارادات والصراعات وأفلام الكارتون والخيال بين هذه العصابة الخطيرة والحاج أحمد وابنه وهذا ليس اسمه الحقيقي ولكنه إسم حركي هروبًا من هذه العصابة، الذي يتضح في النهاية أن الحاج أحمد تورط ومجموعة من أقرانه  صبري فواز وبيومي فؤاد وعايدة رياض وإسماعيل فرغلي وزعيم  العصابة 'جالوت'- محمد لطفي  في سرقة كمية كبيرة من الذهب منذ سنوات طويلة ثم  غدروا بجالوت وأدخلوه السجن!   

 

ولكنه أخفى كل ذلك عن ابنه، مدعيًا انه كان ضمن تنظيم سري وطني يحارب الأعداء! وتأتي المفاجأة في نهاية الفيلم، حيث يقوم شلتة وحبيبته نبيلة بتسليم والده وباقي زملائه وزعيم العصابة إلى  البوليس لينالوا جزاء جريمتهم القديمة!


أحداث مفتعلة وملفقة أشبه بالأفلام الهندية القديمة! شيكو يبدو أنه تسرع في موضوع البطولة المطلقة، فلم يستعد لها جيدًا ولم يحسن اختيار الموضوع الذي يقدمه، اعتمادًا على ثقته في المؤلفين المحمدي ومحي الذين قدما معه من قبل فيلمه 'قلب أمه  مع هشام ماجد وثقته كذلك بالمخرج معتز التوني شريك النجاح في سمير وشهير وبهير ومسلسل اللعبة ولكن الطرفين  خذلاه تأليفًا وإخراجًا للأسف! 

 

 

إضافةً إلى أن التوفيق خان شيكو والمخرج كذلك في اختيار باقى المشاركين بالفيلم، سيد رجب الذي يبدع في الأدوار الجادة المركبة وليس الكوميدية، رحمة أحمد التي تواصل استخدام أسلوب الصراخ والمبالغة، الذي بدأته بالجزء الأخير من مسلسل الكبير أوي، صبري فواز الفنان القدير وكذلك الفنانة عايدة رياض، حتى ضيوف الشرف مثل بيومي فؤاد وتوتا  ولطفي تشعر أنهم مقحمين بالعمل!، في النهاية نجد أنفسنا أمام فيلم موجه للأطفال أكثر أشبه بأفلام الكارتون والخارقين، فيلم يجسد أزمة السينما المصرية الحالية ويعمق من جراحها!

الجريدة الرسمية