درس مصطفى درويش!
لم يكن من نجوم الصف الأول على الشاشة المصرية.. بل تأخرت فرصته نسبيا.. لم يحيي أو يرتب أو يقيم حفلات استقبال صاخبة أو غير صاخبة في بيته ولا في فنادق النجوم السبعة تتناولها الصحف أيام وأيام.. لم ينشر على صفحته صورة وهو يؤدي شعائر الله ولا فرائضه ولا موائد للرحمن أقامها أمام منزله ولا في قريته ولا في أي مكان..
ليس له كتائب إلكترونية -كأغلب نجوم اليوم- تقوم بالدعاية لأعماله ولقاءاته وتبييضها والترويج لها ولمواقفه في الشئون العامة والخاصة، أو تشتبك وتردع خصومه ومنتقديه ومن يقترب منه.. لم يكن للرجل ألف عمل درامي ولا ألف لقاء تلفزيوني، ولم يكن باختصار صاحب عِشرة طويلة مع المشاهد المصري والعربي..
لكن فجأة يرحل مصطفى درويش وفجأة يغمر الحزن كل أركان شبكات التواصل وتتشح الحسابات المصرية والعربية بالسواد ويرفع أغلبها رايات الحداد ويكون الحزن عنوانها جميعا!
كيف ذلك؟! لماذا ذلك؟! متى ذلك؟! لا شئ مما سبق كله.. لم يكن يفعل إلا لسان حلو.. وجه بشوش وخير وعطاء في الخفاء.. فحزن عليه من تعامل معه ومن لم يتعامل.. من عرفه ومن لم يعرفه.. من اقترب منه ومن لم يقترب.. من طاله عطفه أو بعض عطفه ومن لم يطله..
لا أحد طلب منهم الحزن عليه أو إدعاء.. والحزن المدعي مكشوف مكشوف.. إنما كانت في المختصر إشارات مهمة لكيف تكون السيرة العطرة لمن عملوا لحياتهم وما بعدها..
رحم الله مصطفي درويش.. قصرنا في معرفته ومتابعته إنسانا وفنانا.. فجرفنا تيار الحب المتدفق بغير حساب وشلال الحزن الكاسح المنهمر دون توقف منذ أمس.. إنه الدرس.. السهل القاسي.. البسيط الموجع.. لكنها في الأخير وفي الختام.. النفس التي رجعت إلى ربها راضية مرضية!
رحمه الله وألهم أسرته ومحبيه الصبر كله..