نجوى يوسف.. سيدة من أسيوط
لازلت أتذكر كيف كان الدكتور صلاح قبضايا عليه رحمة الله يراجع بنفسه أية ملفات تتعلق بقواتنا المسلحة وكنت أداعبه: يبدو أن عملك لسنوات طويلة محررا عسكريا يطغى على كل مشاغلك فيأخذك من مهام رئيس التحرير إلى المحرر المراجع عندما يتعلق الموضوع بالقوات المسلحة.
قبضايا كان واحدا من أمهر المحررين العسكريين وشارك في كل حروب مصر تقريبا، وأصييب في حرب اليمن وفقد الطريق عام 1967، وكان صاحب أول كتاب عن حرب أكتوبر المجيدة تحت عنوان الساعة 1405 وأصدر عدة مؤلفات مهمة بعد ذلك عن تلك الحرب العظيمة.
أتذكر أنه كان يراجع بدقة ملفات تعدها الصحفية النشطة نجوى يوسف كمحررة عسكرية وبعد سنوات من ذلك قال لي بالحرف الواحد: تستطيع أن تطمئن إلى ما تكتبه نجوى فهي صحفية واعية ولديها ثقافة عسكرية ومصادر مهمة وكتاباتها دقيقة لا تضع فيها قلما.
انتقلت نجوى يوسف معنا منذ بدايات تجربة إصدار فيتو وأصبحت رئيسا للقسم العسكري ونشهد الله أنها مثال للالتزام ومرجع لكل ما يفد إلينا من موضوعات وتقارير وتحقيقات تخص قواتنا المسلحة، تمتلك رؤية عميقة وخبرات كبيرة ولديها مصادر قوية ودائما ما تفاجئنا بموضوعات جديدة في كل مناسبة.
يناديها زملاؤها بلقب اللواء؛ دليلا على مهارتها وعشقها لعملها الصحفى الذي تقول عنه إنها تعلمت منه الانضباط والتروي والهدوء والتركيز، وهي في هذا الملف دليلنا ومرشدنا ومعلمنا، منها نتعلم وبها نقتدى عند تناول موضوعات الجيش في كل المناسبات.
ونجوى يوسف ليست صحفية مكاتب، تعشق التجوال والتنقل ولا تكتب موضوعاتها من داخل الصحيفة وعادة ما تعود إلينا بكنوز من الحوارات وأظنها لم تترك شاردة ولا واردة في حرب الاستنزاف ولا حرب أكتوبر لم تكتب عنها، تحفظ أسماء قادة النصر وجنود أكتوبر وكأنها تحدثك عن أسرتها.
ولدى نجوى يوسف أرشيف صحفى مهم لكل من أراد العمل في هذا المجال ولا تكتفي بفنون العمل الصحفي في تغطياتها وتشارك في دورات من شأنها رفع مستواها المهنى والفنى المرتبط بهذا الملف الحساس ولديها حكايات على أشرطة التسجيل القديمة قبل التقدم التقنى الحاصل وتمتلك أرشيفا من صور لأبطال عظام، تحتفظ بها في بيتها وتعود إليها كلما مر على تاريخنا مناسبة تعود إليه.
ونجوى سيدة صعيدية، قوية، متماسكة، محبة لعملها وزملائها ومصادرها ولا تتعامل مع المصادر وقت الأحداث فقط، تتواصل مع مصادرها بشكل إنسانى ولديها قدرة عبقرية على بناء علاقات من الاحترام والحب والندية ولديها حل لكل مشكلة تطرأ عند معالجة ملفات القوات المسلحة صحفيا.
مع الأيام والسنين أصبحت نجوى يوسف أقرب إلى الانضباط العسكري في مواعيدها وأدائها لعملها ولا تعتبر ذلك مجرد عمل، تحول هذا العمل إلى أسلوب حياة، وتستطيع أن تذهب إليها في كل ما يخص هذا الملف وستجد عندها دائما إجابات شافية لكل ما تطرحه من استفسارات.. أقول ذلك تحية لامرأة مصرية لم تعش أيام أكتوبر ولكنها عايشتها مع أبطالها وعاشتها واقعا في بيتها وفي عملها ومع قرائها.