ولا كل من قال يا ليل نقول عليه ده قال
من أكثر المصطلحات التي تستخدم على نحو خاطئ بكثرة في الإعلام، ولا يتصدى أحد لتصحيحها، تعميم مصطلح الغناء الشعبي، ووجه الخطأ في استعمال هذا المصطلح هو الخلط بين الفن الشعبي الأصيل، والإسفاف العشوائي الردئ، المنبعث من أغلب التكاتك والميكروباصات في مصر.
فالفرق بين الغناء الشعبي والعشوائي كالفرق بين الحي الشعبي والحي العشوائي، وخير دليل على ذلك أن الإدارة المصرية في عهد الرئيس السيسي حين قررت رسم صورة جديدة لمصر قررت إزالة المناطق العشوائية كمنطقة بطن البقرة وتل العقارب وغيرها، لأنها مناطق عشوائية خطرة، ولكنها لم تفكر في إزالة مناطق مثل شبرا والمنيرة والسيدة والحسين، لأنها أماكن شعبية أصيلة تتمتع بقدر كبير من الخدمات والمرافق والحياة الكريمة.
وعليه فلا يصح أبدًا وضع الأساتذة عبد المطلب ورشدي والعزبي وحكيم، في نفس الخانة مع سعد الصغير وحمو بيكا وحنجرة وكزبرة، لأننا لو استسلمنا لهذا الخلط سنكون قد تجاوزنا في حق هذا الفن الأصيل ورموزه، الذين أمتعونا في كل المناسبات الخاصة والعامة، فمن منا ينسى علي سبيل المثال لا الحصر أغاني مثل: رمضان جانا لعبد المطلب وقولوا لمأذون البلد لرشدي والأقصر بلدنا للعزبي وأبو الرجولة لحكيم.
والذي لا يفرق بين أغاني محمد قنديل مثلا وأغاني شعبان عبد الرحيم وأولاده، كمن لا يفرق بين الأمثال الشعبية التي هي خلاصة تجارب حياتية وخبرات متوارثة عبر الأجيال، وبين العبارات المكتوبة علي ظهر سيارات الأجرة، التي هي نتاج اصطباحة سائقي النقل الثقيل، فهؤلاء لا فرق عندهم بين إعمل الخير وإرميه البحر وبين رضا الوالدين أهم من رضا أبوك وأمك.
الغناء في مصر يحتاج لتصنيفات أكثر من الموجودة حاليًا حماية لهذا الفن، لأن المستفيد من هذا الخلط هم الدخلاء والجهلاء والمزعجون الذين يلقبون أنفسهم بالفنانين، والفن منهم براء.