بدون مبالغة!
من المؤكد أن اتفاق السعودية وإيران برعاية صينية سوف يكون له تداعياته العديدة على منطقتنا كلها، وهذا ما تحدثت فيه أمس، لكن أرجو من كل من يحاولون استشراف شكل المنطقة بعد هذا الاتفاق أن يتجنبوا المبالغة في رصد هذه التداعيات التي بدأت تظهر في تناول البعض.
نعم خطوة إعادة العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران سوف تفتح الباب لوقف الحرب في اليمن، وهو أمر مهم بالطبع للسعودية واليمن، لكن هذا قد لا يعني إنهاء نفوذ الحوثيين في اليمن، خاصة شماله.
ونعم بيان الاتفاق السعودي الإيرانى أشار إلى عدم التدخل في الشئون الداخلية، وهو أمر مهم أيضا لدول المنطقة كلها، ولكن لا يمكن تصور أن تتنازل إيران طوعا عما راكمته من نفوذ في عدد من بلاد المنطقة، كما حدث في لبنان والعراق واليمن وسوريا.. وإنما يمكن تصورأن يتمكن لبنان مثلا من اختيار رئيس له مع استمرار الدعم الإيراني لحزب الله، وعودة العلاقات العربية مع سوريا في ظل دعم إيران للنظام السوري، وتهدئة الأمور في العراق دون أن تكف إيران عن دعم بعض التنظيمات الشيعية فيه.
كما يمكن تصور أن يتم التوصل مستقبلا لاتفاق أمريكى وأوروبى إيرانى حول المشروع النووي الإيراني دون أن يعنى ذلك تنازل إيران عن مطالبها الخاصة باستمرار وتطور هذا المشروع، رغم معارضة اسرائيل التى افتقدت مؤخرا فرصة لتكوين حلفا مع دول الخليج العربية لمواجهة إيران، بظلاله الدينية الخاصة بالديانة الإبراهيمية وجوهرة السياسى الخاص بمحاصرة إيران، وأبعاده العسكرية حينما يفرض الحل العسكرى نفسه.
إن هذا الاتفاق السعودي الإيراني يحقق لطرفيه وراعيه مصالح خاصة لهم جميعا وتداعياته لن تقتصر عليهم فقط وإنما ستشمل كل دول المنطقة التى أسهمت في التحضير له مثل العراق وعمان، أو التى أثرت أن تراقب ما يحدث.. وعملية رصد هذه التداعيات وتوقعها يجب أن تتم بدون مبالغة.