فوضى الأزياء المصرية
تستطيع ببساطة أن تحدد هوية ودولة أي سوداني أو خليجي أو هندي أو أفريقي أو صيني أو مكسيكي من زيه في أي مكان بالعالم حتي أصبح الزي عنوانا للهوية، ويوما ما كانت مصر مقرًا للأناقة والشياكة والتنوع، وكان للريف زيه المميز سواء للرجال أو النساء وللمدن الزي التقليدي وللأزهر زيه المعتمد..
وهكذا أنتج تنوع واختلاف البيئات والثقافات في مصر مزيجا رائعا من الملابس المصرية، ومن أبرز ما يتميز به التراث المصرى الأصيل الجلباب، وهو متعدد ومتنوع التصميمات بخاماته القطنية المتنوعة بارزًا ومتألقًا بتصميماته المقتبسة من التراث المتعدد على أرض مصر ما بين النوبي، والريفي والبدوي.
ففي بدايات القرن العشرين كانت هناك تسع مناطق في مصر ترتدي فيها النساء أزياء تقليدية، تشمل بعض قرى الصعيد، الدلتا، النوبة، الواحات الخارجة والداخلة والبحرية وواحة سيوة وشمال سيناء والساحل الجنوبي من البحر الأحمر.
وتميزت هذه الأزياء بجمالها الواضح والحشمة والراحة والتوافق مع المناخ، وكان المناخ الحار والجاف في مصر، وخصوصًا في فصل الصيف سببًا من أسباب اختيار القماش الخفيف أثناء تصميم ملابسهم، والتي يمكن رؤيتها في العديد من اللوحات والمعالم الأثرية التي تركوها وراءهم..
حيث تم تصميم الملابس في مصر لمراعاة حالة المناخ السائدة، فكان قدماء المصريين يفضلون البياضات من بين أنواع العديدة للملابس، إلا أن تفضيل الأقمشة الخفيفة في العصر الحديث ما يزال ساريًا. وكانت الشياكة لكل الأعمار حتي الشباب اهتمامهم بملابسهم والنساء كُنَّ بحق هوانم مصر، العابرات للزمن، وصاحبات العصمة..
الحفاظ على الهوية المصرية
وعلى الرغم من أن الأزياء تمثل جزءًا مهمًا من الهوية الثقافية لأى مجتمع، إلا أن ذلك لا ينطبق على المجتمع المصرى الذى أصبح أشبه بـ ديفليه، لا توجد وحدة أو تجانس بين أزياء مواطنيه، بل تنافر شديد وعشوائية لا تتقبلها العين وهناك العجب في الأفراح الكبيرة..
العريس يرتدي بدلة رائعة وحذاء أبيض كوتشي والعروسة نفس الشكل والشباب بنطلون ممزق وأشياء غريبة أخري، وأنظر لأي حفل كل واحدة ترتدي ما لا يمت بصلة لما ترتديه الأخرى، فبعضهن يرتدين السوارية وإلى جواره الجينز وبعده الليجينج الجلد. ثم البعض متلفح بالفرو، وأخريات بجوارهن تستعملن مروحة اليد..
أي أن الطقس ليس بالبرودة التي تستدعي أن تجلس بعضهن بالفوريرات ومعظم الأجيال الجديدة تغيب عنها دراسة ومعرفة ثقافتها وتاريخها، وبالتالى لا تهتم بالحفاظ على الهوية المصرية التى يمثل أهم أعمدتها الزى المصرى.
الغزو الذى حدث للقاهرة من العشوائيات والريف المصرى والدول العربية أدي إلي ما يسمي بترييف المدن، وهو أن المدينة أو العاصمة بعد أن كانت هى التى تؤثر في ساكنيها وتفرض عليهم شكل الملبس المدنى الخاص بها، صارت هى التى تتأثر حتى اختفت روحها وحل محلها روح العشوائية والتخبط في الملبس من الوافدين عليها، وهذا ضعف فى الثقافة المصرية بشكل عام وغياب قدرتها على التأثير..
بالإضافة إلى غياب فكرة التنوع التى كانت سائدة في المجتمع في فترة الأربعينات والخمسينات، حيث كان يعيش في المجتمع مختلف الجنسيات الأجنبية التى تؤثر وتتأثر بما حولها وهو ما تعكسه أفلام تلك الأيام منتهى الشياكة والنظافة، الموضوع ليس له علاقة بالفقر أو الغنى الموضوع له علاقة بالفهم.
نحن لا نكره الموضة ولا نرفضها ولكن كل ما نريده أن يكون لنا زي يعبر عن الهوية والثقافة المصرية بمواصفات عالمية، زي يستطيع منافسة المنتج الأجنبى ولا يندثر أمامه.