صناعة الدواجن أمن قومي
تعد صناعة الدواجن في مصر أحد أهم الصناعات الغذائية التي نجحت في تحقيق الاكتفاء الذاتي من إنتاج اللحوم البيضاء وتحقيق أعلى عوائد دولارية عبر التصدير للخارج، فضلًا عن أهميتها الاستثمارية حيث تستوعب عددًا كبير من الأيدي العاملة، إضافة إلى ما تتميز به من سرعة دوران رؤوس الأموال، الأمر الذي جعلها في مقدمة الأعمال التي يلجأ إليها الكثيرين لتحقيق أرباح سريعة.
وتمثل الدعامة الثانية للإنتاج الزراعي، فتقدر استثماراتها بحوالي مائة مليار جنيه، وتعمل على توفير فرص عمل مباشرة وغير مباشرة تصل إلى 3 مليون فرد يعولون جميعًا ما يربو على 7.5: 9 مليون فرد، أي بنسبة 8: 9% من تعداد السكـان، يبلغ عدد المزارع العاملة بهذه الصناعة حوالى 22 ألف مزرعة وأكثر من 65% منها غير مرخص..
فصناعة الدواجن متكاملة الحلقات واستطاعت تحقيق الاكتفاء الذاتي خلال الفترة من 1990 وحتى يناير 2006 قبل ظهور مرض أنفلونزا الطيور، بل وتخطت ذلك إلى التصدير منذ عام 2002 ليصل حجم التصدير في 2005 إلى 38 مليون دولار. وتعتبر منتجات الدواجن من أرخص مصادر البروتين الحيواني مقارنة بغيرها فإنتاج كيلو جرام من اللحم يحتاج إلى حوالى 7 كجم من العلف في الأبقار بينما يصل في الدواجن إلي حوالى 1.6 كجم في المتوسط..
أزمة في صناعة الدواجن
كما يدل التطور الوراثي السريع في دجاج اللحم وتحسين أدائه إلى التفاؤل للتوسع في إنتاجه لمواجهة الاحتياجات المتزايدة من البروتين الحيواني الرخيص خاصة مع زيادة تعداد السكان علما بأن معدل استهلاك الفرد من لحوم الدواجن يبلغ حوالي 12 كجم فى السنة، ومن بيض المائدة حوالي 90 بيضة فى السنة..
كما أن تربيتها لا تحتاج إلى مساحات شاسعة من الأراضي المزروعة فهي ليست في حاجة إلي المراعي أو الأعلاف الخضراء بل يمكن تربيتها في عنابر بسيطة، وعليه فإن تحقيق الاكتفاء الذاتي في اللحوم الحمراء أمرًا صعبًا في بلادنا لمحدودية مساحة الأرض الزراعية وتعرقل تلك الصناعة الحيوية في ارتفاع أسعار مواد الأعلاف الخام بالسوق المصري حيث أنها العمود الفقري لصناعة الدواجن وترتبط بشكل وثيق بأسعار الذرة الصفراء وفول الصويا عالميًا..
وتأثرنا بذلك باعتبارنا مستوردين لها كمكون رئيس في صناعة الدواجن حيث تدخل بنسبة تزيد علي 60٪ من مكونات الأعلاف، وتبقى نسبة الـ40٪ من المواد البروتينية وباقى الإضافات غير أننا للأسف نستورد أسوء أنواع الذرة منزوعة الجنين خاصة بعد توقف مشروع زراعة احتياجات مصر من الذرة الصفراء فى السودان لإنتاج 6 ملايين فدان من الذرة الصفراء و3.5 مليون فدان فول صويا..
وتوقف المشروع دون أسباب، ولهذا حدثت أزمة في الدواجن بسبب ارتفاع أسعار الذرة والصويا والأعلاف التي تعتمد عليها صناعة الدواجن حيث تشكل الأعلاف 75 بالمئة من تكلفة الإنتاج. إضافة إلى تأثر قطاع الدواجن بالأزمات العالمية حيث ارتفع سعر الدولار وزادت أسعار الأعلاف والخامات..
وهنا استغلت مافيا الاستيراد والسوق السوداء الأزمة في مضاعفة الأسعار. الأمر الذي أدى إلى تأثر صغار المستثمرين في قطاع الدواجن بشدة خلال الفترة الماضية وبعضهم خرج من العملية الإنتاجية. وأُجبر المربون على إعدام أو ذبح أمهات وقطعان تسمين فى قمة إنتاجها. وخسائر بالمليارات. لنذهب بعدها إلى الاستيراد من الخارج بالعملة الصعبة، لاستيراد فراخ مجمدة، بينما كانت مستلزمات الصناعة أقل من ذلك بكثير، ونحافظ على الصناعة والعاملين فيها وعددهم بالملايين.. وإذا أردنا الخروج من دائرة التأثير والتسعير العالمي يجب العمل على التوسع في زراعة ما نستورده من الخارج بعد أن أصبحت صناعة الدواجن أمنا غذائيا وقوميا.