البحث عن بيوت الراحة
لم أكن أعرف أن الأمم المتحدة خصصت يومًا عالميًا لدورات المياه لزيادة الوعي والحث على العمل من أجل التصدي للتحدي العالمي الماثل في نقص الصرف الصحي- وهو موضوع شائك كثيرا ما يطويه الإهمال حيث لايزال هناك ما يقرب من ملياري إنسان محرومين من الحصول على خدمات الصرف الصحي.
غياب دورات المياه العامة أدى للجوء المواطنين إلى قضاء حوائجهم بجوار أى سور وأسفل الكبارى، حتى أصبحت تلك الأماكن أشبه بـ"الحمامات العامة"، ما أن تقترب منها لا تستطيع المشى بسبب الروائح الكريهة. وعلى الرغم من إدراج المادة (278) من قانون العقوبات، قضاء الحاجة في الطرق، ضمن الأفعال المجرمة قانونًا والتى تخدش الحياء العام.
وينص القانون على “كل من فعل علانية فعلًا فاضحًا مخلًا بالحياء يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر، وغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه، ولا تزيد على خمسة آلاف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين”.. غير أن قانون تجريم التبول فى الطريق العام حبر على ورق، لأن من وضعه، نسى أن المواطن «المزنوق»، ليس لديه أى بديل آخر سوى أن «يفعلها» فى أقرب مكان يقابله، والمحال والمنشآت والمصالح الحكومية بطبيعتها لن تفتح حماماتها أمام ملايين «المزنوقين» الذين يوجد من بينهم بالتأكيد أطفال ونساء وشيوخ، ومرضى سكر وأملاح وخلافه، وموضوع قضاء الحاجة بالنسبة لهم مسألة حياة أو موت..
دورات مياه في الشوارع
كما ان النقص المؤسف لدورات المياه العادية والمجهزة النظيفة سواء داخل المدن الثرية بالآثار ومواقع الجذب، أو بالمناطق الأثرية وبأعداد مناسبة أصبحت شكوى دائمة من السياح ولا يختلف الوضع بالنسبة لدورات المياه بالنسبة للكافيهات والمقاهى الشعبية، فجميعها متسخة وذات رائحة كريهة وتغرق المياه أرضيتها، ويغيب عنها أدوات النظافة من مناديل ومنظف لليد.
وهناك مشهد يتكرر كثيرا في بر مصر لنساء يردن إنقاذ ثيابها قبل أن تلطخها دماء الطمث.حيث بات وجود مرحاض ينقذهنّ أمرًا في غاية الصعوبة. ورغم أهمية مراحيض الشوارع في خدمة المواطنين واستقبالها عشرات الآلاف بل الملايين يوميا، إلا أن الاهتمام الحكومي بها أصبح شبه منعدم.
لدرجة جعلت صاحب الحاجة يتحمل قسوة المنظر لدقائق قد تترك أثرا سلبيا في نفسه، بعدها يلعن حظه العاثر الذي جعله يفكر في استخدام المراحيض العامة، بل إن هذا النقص الشديد كان أحد الأسباب لحصول مصر على "صفر" كبير في تنظيم كأس العالم سابقا.
وهناك اقتراحات كثيرة يمكن أن تساهم في مواجهة تلك المشكلة المزمنة باستغلال دورات المساجد التابعة لوزارة الأوقاف المنتشرة بالمحافظات والقرى والنجوع، حيث يتم عمل مدخل خاص بكل دورات المياه بالمساجد وتقسمه إلى قسمين رجال وسيدات، ويكون متاحا استخدامها في أي وقت..
وبجانب ذلك من الممكن دخول شركات من القطاع الخاص في هذا المشروع، وتعتبر ذلك استثمارا، حيث تقوم بإنشاء هذه الدورات وتديرها بمقابل مادى وهو أمرمعمول به في كثير من بلدان العالم، والرهان الكبير علي مبادرة حياة كريمة في إعطاء الأولوية لإنشاء دورات مياه ريفية تحفظ للنساء آدميتهن، وخاصة في القري والنجوع الفقيرة.. حيث تضطر النساء للانتظار ليلا لقضاء الحاجة تحت جنح الظلام مما يتسبب في مشاكل صحية كثيرة لهن.