درس الأرز!
فى حدوتة تسعير الحكومة الأرز إجباريا لوقف الزيادة فى أسعاره ثمة درس أرجو أن نعيه وهو أن المواجهة المحدودة والجزئية للاحتكار لا تفيد ولا تحقق المنشود، وإنما نحن نحتاج لمواجهة شاملة للاحتكار حتى نتغلب عليه!
فإن الأرز سلعة نحقق في انتاجها الاكتفاء الذاتي ولم تتأثر بالتضخم العالمى لإننا لا نستوردها من الخارج ومع ذلك سارع المتحكمون في تجارتها لرفع أسعارها بحجة أن المكرونة زادت أسعارها بعد ارتفاع أسعار القمح وبالتالى الدقيق.. ولأن الحكومةَ تدرك ذلك فانها تدخلت لفرض سعر جبري للأرز، وهذا لم يعجب بالطبع المتحكمين في سوق الأرز فقاموا بإخفائه وحجبه عن السوق.
ولم تفلح الحلول الأمنية في منع أزمة في الأرز، ولذلك عدلت الحكومة مؤخرا عن هذا السعر الجبرى للأرز حتى يجد سبيله للأسواق.. وهذا يعنى أنها خسرت اختبار الأرز!
والسبب في هذه الخسارة ليس هو أنها عطلت قوانين السوق وأهدرت قاعدة العرض والطلب، لأن الحكومات في وقت الازمات حتى في أعتى الدول الرأسمالية توقف العمل بقوانين السوق إذا كان ذلك ضروريا لتجاوز الأزمة.
أى أن ما فعلته الحكومة فى موضوع الأرز ليس بدعة أو كفرا بقوانين السوق.. إنما خسرت الحكومة اختبار الأرز لانها لم تفعل ما يجب عليها القيام به لتطهير السوق من الاحتكارات التى تشوهه.. انها اكتفت بخوض معركة محدودة مع الاحتكارات المسيطرة على سلعة واحدة فقط بينما تركت السوق تحت سيطرة المحتكرين في كل السلع الأخرى..
وحتى فى هذه المعركة المحدودة اكتفت بإطلاق عيار واحد فقط باعلان تسعيرة جبرية للأرز وتركت كبار المحتكرين يمرحون كما يشاءون في السوق ويقومون بممارساتهم الاحتكارية.
إن لدينا في كل سلعة الان مجموعة من المحتكرين تسيطر على انتاج واستيراد وتجارة هذه السلعة وتفرض السعر الذى يحقق لها هامش ربح كبير جدا.. ولن يتغير هذا الحال إلا إذا حسمنا امرنا وخضنا مواجهة شاملة مع هؤلاء المحتكرين وهذا هو درس الأرز.