رئيس التحرير
عصام كامل

مذبحة كوبري عباس.. 9 فبراير وذكرى الثورة المنسية!

فجأة تشتعل مصر بالغضب من أقصاها إلى أقصاها.. لم تعد جامعة القاهرة وحدها التي تتظاهر بل القاهرة كلها.. ‏ولم تعد أحياء الجيزة وحدها التي انطلقت إلي الشوارع بل منطقة‏ ‏وسط‏ ‏القاهرة‏ ‏من‏ ‏أحياء‏ ‏الغورية‏ ‏والموسكي‏ ‏والعتبة‏ ‏وشارع‏ ‏فؤاد‏.. لم تصل المظاهرات إلى الإسكندرية فقط بل إلى الزقازيق وبورسعيد‏ ‏وشبين‏ ‏الكوم‏ ‏ ‏والمحلة‏ ‏الكبري‏ ‏وطوخ‏ ‏وأسيوط‏ ثم إلى غيرها من محافظات ومدن وقرى مصر!


ما الذي جرى لكل ذلك؟! باختصار الاختصار تراجعت بريطانيا مرة جديدة عن وعودها بمنح مصر استقلالها والانسحاب الكامل منها وفشلت مساعي محمود النقراشي باشا رئيس الوزراء الذي ظن -وبعض ظنه إثم- أن انتهاء الحرب العالمية الثانية سيجعل بريطانيا تطمئن علي مصالحها وترد الجميل لمصر التي دخلت الحرب إلي جانبها ولكن كانت مثالية ورومانسية لا تليق بسياسي مخضرم وانتهت بالفشل!


الفشل تحول إلى غضب والغضب تحول إلي مظاهرات والمظاهرات قوبلت بالعنف الشديد فقد كانا حكمدار القاهرة والجيزة هما ‏وراسل‏ ‏باشا‏ ‏حكمدار‏ ‏القاهرة‏، وفيتز‏ ‏باترك‏ ‏باشا‏ ‏حكمدار‏ ‏الجيزة،‏ وكان القمع علي أشده بلغ حد إطلاق الرصاص الحي وفتح كوبري عباس والطلبه فوقه! 

مذبحة كوبري عباس

وهي الواقعة التي ينكرها بعض المؤرخين ظنا من بعضهم إنها تسئ للنقراشي باشا رغم أن قيادة البوليس الفعلية -الفعلية- كانت ليست كاملة تحت يده رغم أنه وزير الداخلية أيضا!


لكن السؤال..  يوم 9 ‏فبراير‏ نفسه بلغت أنباء الأحداث مدينة المنصورة فانطلقت مظاهرة‏ ‏ ‏ضخمة هناك أصيب‏ ‏فيها‏ ‏نحو‏ 7‏من‏ ‏الشباب‏ ‏و‏3جنود‏ ‏من‏ ‏رجال ‏الأمن‏ ‏واعتقل‏ 4 كما‏ ‏اعتقل‏  ‏آخر‏ون في‏ ‏ ‏أسوان‏ ‏واستمر الغضب إلى ‏اليوم‏ ‏التالي‏ ‏10 ‏فبراير‏ ‏حتي غطت‏ ‏المظاهرات‏ ‏القاهرة‏ ‏والمحافظات واستمرت حتي ‏الثلاثاء‏ 12فبراير‏ حين ‏اتفق‏ ‏طلبة‏ ‏الجامعات‏ ‏علي‏ ‏إقامة‏ ‏جنازة‏ ‏صامتة‏ ‏علي‏ ‏أرواح‏ ‏الشهداء‏ ‏من‏ ‏زملائهم‏ ‏الطلبة‏! وهنا نسأل إذا كان لم يسقط أحد في النيل ولم يمت أحد برصاص الانجلبز فأي جنازة صامتة تلك؟ وعلي أي أرواح أي شهداء ستسير؟! 


المدهش والذي لا يقوله أنصار تبرئة الاحتلال وعصره.. والملك وعهده.. (لميس جابر وإبراهيم عيسى مثلا) إن هذه المظاهرات استمرت بعد أحداث كوبري عباس التي يخفف هؤلاء من أحداثها ويقولون ليس الضحايا بالمئات وإنما  حوالي‏ 104 مصاب فقط ‏منهم‏ ‏نحو‏ 89 ‏شخصا‏ ‏ما‏ ‏بين‏ ‏طلبة‏ ‏الجامعة‏ ‏والأهالي‏ ‏من سكان ‏محيط‏ ‏ميدان‏ ‏الجيزة‏ و15 شرطيا! ولا يقولون إن استمرار الغضب في هذه الثورة المنسية انتهي إلى إستشهاد 28 شخصا ممن أصيبوا مباشرة في الأحداث بخلاف من دهسوا تحت السيارات وإصابة433 مواطنا إصابات مباشرة بالرصاص وغيره واعتقال المئات أغلبهم طبعا من طلبة الجامعة يتقدمهم طلبة كلية الطب وهو ما تحول بالمناسبة إلي يوم الطالب العالمي!

 

أطهر من أنجبت مصر ينكر فضلهم مدعي التأريخ وهم أول من يزيفونه ويزينون تاريخ المحتل وأتباع وخدم المحتل!
المجد لشهداء مصر ممن سقطوا مثل اليوم 9 فبراير عام 1946 والذي تحول إلى يوم لشباب مصر.. وما بعده..
أحيوا الذكرى واحتفلوا بأبطالكم.. والمجد لشهداء مصر عبر تاريخها كله.. وكل تاريخها مجيد!

الجريدة الرسمية