قانون الضرائب والأزمة
دفعت الأزمة الاقتصادية بوجهها المالى حاليا والانخفاض غير المسبوق في القيمة الشرائية للجنيه إلى نحو ٢٩% من قيمته السابقة بمسارات الاقتصاد الوطنى إلى واقع جديد، ومنها بالطبع المعاملة الضريبية للانشطة الاقتصادية المختلفة ومعها يصبح تعديل قوانين الضرائب ضرورة قصوى لتصحيح الأوضاع.
وواقع الحال إن إحالة قانون الضرائب على الدخل رقم 91 لسنة 2005 وتعديلاته إلى المعاش بات أمر ضرورى وتأخر كثيرا، ليس فقط بسبب المتغيرات الجوهرية التى طرأت على سوق صرف العملات بسوق النقد المحلى والانخفاض الحاد في القيمة الشرائية للجنيه ولكن أيضا بسبب التعديلات الكثيرة والمتكررة التى طرأت على أحكام القانون منذ صدوره قبل نحو 22 عام وبلغت نحو 18 تعديلا تشريعيا.
التعديلات أثرت بالطبع على فلسفة وركائز القانون الأساسية وبخاصة أسعار الضريبة والشرائح الضريبية وأيضا حدود الإعفاء الضريبى سواء للأعباء العائلية أو الإعفاء الشخصي مقابل الحصول على الإيرادات وكذا نسب الخصم الضريبى.
كما أسفرت التدخلات من خلال القرارات الإدارية في صورة تعليمات تنفيذية وتفسيرية تصدرها الإدارة الضريبية تباعا على فلسفة القانون سلبا، خاصة ما يتعلق بهدف أساسى شرع له هذا القانون ودونه المشرع الضريبى ضمن أهداف القانون، وهو التحول نحو التقدير الذاتي للضريبة من خلال الممول ووكيله القانونى وتحمل جميع الأطراف مسؤوليتهم القانونية عنه.
شريحة ضريبية جديدة
وهو ما تراجعت عنه الإدارة الضريبية شيئا فشيئا خلال سنوات التطبيق وأصبح في خبر كان بعد العودة إلى أسلوب الفحص الشامل، بدعوى درء الشبهات وعدم تحمل المسئولية القانونية وغيرها من أحكام أصبحت كلها في واد والواقع الاقتصادى في وادى آخر، مما يستوجب سرعة التدخل بإعداد قانون جديد يناسب الأوضاع الاقتصادية الجديدة وأهدافنا الاقتصادية للمرحلة القادمة.
والنظر إلى أهم مقترحات التعديلات الشرائية المطروحة يخشى أن تقتصر كما هو مقترح على رفع حد الإعفاء للأعباء العائلية إلى 15 ألف جنيه بدلا من 9 آلاف جنيه وهو أمر لن يكون مناسب على الإطلاق، خاصة وأن قيمة الجنيه نفسها انخفضت وفق كل التقديرات الاقتصادية بنحو 70% كما أن الاقتراح بفرض شريحة ضريبية جديدة لتصبح الشرائح سبعة بدلا من ستة شرائح من دون تعديل قيم الشرائح التى تبدأ بشريحة 30 ألف جنيه كشريحة أولى تخضع للحد الأدنى للضريبة على الدخل أمر غير واقعى في ظل التغيرات المستجدة لسعر صرف الجنيه وقيمته الشرائية.
وفي ضوء المتغيرات التى يعلمها الجميع لن يجدى نفعا الاعتماد على أسلوب الترقيع القديم لقانون انتهى مفعوله ولابد من إحالته إلى المعاش وإعداد قانون جديد يناسب الواقع المالى والاقتصادى الجديد تشارك فيه كل أطراف المعادلة الضريبية.. ليكون مشروع لضرائب عصرية يخدم أهداف وجهود جذب الاستثمارات الجديدة ويحقق العدالة فى توزيع الأعباء الضريبية على كافة شرائح المجتمع.