لماذا؟!
بعد أن قمنا بتحرير سعر الصرف في نهاية عام 2016 ارتفع التضخم حتى وصل معدل ارتفاعه نحو 34 في المائة ، ومع ذلك فقد كانت شكوى الناس من هذا التضخم أقل من التضخم الذى نشهده حاليا، والذى تجاوز قليلا 20 فى المائة.. فلماذا الشكوى الآن من الغلاء أكبر من شكوى عام 2017؟!
هذا سؤال يتعين على من يديرون اقتصادنا ان يجتهدوا في الإجابة عليه.. لأنه بالارقام كان يتعين أن تكون الشكوى من الغلاء أقل.. غير أن الذى حدث هو العكس تماما.. الشكوى الآن من الغلاء أكبر وأوسع نطاقا اجتماعيا.. وهنا يحتاج الأمر تفسيرا مفهوما ومنطقيا.
وأعتقد أن التفسير المفهوم والمقبول هو أن قدرة فئات واسعة من المصريين على تحمل الغلاء تآكلت ولم تعد هذه القدرة في مستواها الذى كان موجودا قبل خمس سنوات مضت.. وبسبب انخفاض هذه القدرة على تحمل الغلاء زادت الشكوى منه الآن أكثر مما كان موجودا من قبل..
ويمكننا أن نضيف إلى ذلك أن تحمل عموم المصريين الغلاء قبل خمس سنوات كان مقترنا بآمال كبيرة فى حدوث ازدهار اقتصادى كبير في نهاية نفق الإصلاح الاقتصادى.. وهو الأمر غير الموجود أو المفتقد حتى الآن.. فنحن ألقينا بمشاكلنا الاقتصادية كلها على كاهل الخارج، وما يحدث في الخارج هو خارج نطاق أيدينا وفي أيدى غيرنا، ولذلك لم يملك من يديرون اقتصادنا القدرة على تحديد فترة زمنية محددة، حتى وإن طالت بعض الشىء لإنفراج مشكلتنا الاقتصادية وتراجع حدة الغلاء الذى اكتوى بناره معظم المصريين..
ولعل ذلك يشير إلى أهمية أن يراجع من يديرون اقتصادنا خطابهم للمواطنين ليبث هذا الخطاب الأمل المستند إلى اعتبارات موضوعية في تراجع الغلاء في مدى منظور لزيادة قدرتهم على تحمل قسوته.