حكاية مراقبة الأسواق!
بالطبع لا يمكن نشر رجال شرطة أو مفتشين تموين في كل أرجاء البلاد الممتدة والواسعة لمراقبة الأسواق لأن أسواقنا كثيرة وتخدم أكثر من مليون مستهلك.. وحتى في الأسواق التى سنتمكن من تغطيتها برجال الشرطة ومفتشى التموين فماذا في مقدورهم للسيطرة على الأسعار؟
فقد انتهى عصر التسعيرة الجبرية، والأسعار صارت حرة يرفعها التجار كما يشاءون.. والغلاء مشكلةَ اقتصادية لا تعالج بالحلول الامنية، وهذا ما كشفت عنه مشكلة نقص الأرز في الأسواق مؤخرا.. وكل ما فى مقدور رجال الشرطة ومفتشى التموين هو التأكد فقط من صلاحية السلع المطروحة في الأسواق، وعدم حجبها وإخفائها في مخازن سرية أو الغش فيها، فضلا عن تنفيذ تعليمات الحكومة بوضع لافتات بأسعارها في المتاجر والأسواق!
ولكن هذا لا يعنى أن يد الحكومة مغلولة في ضبط الأسواق والأسعار.. فان عليها مهمة كبيرة تتمثل في تطهير الأسواق من الاحتكارات التى تسيطر عليها وتتسبب في رفع الأسعار بمعدلات تفوق الزيادة في أسعارها العالمية.. إذا كانت الحكومة منذ زمن تركت الأسعار لتتحدد طبقا للعرض والطلب فإن مسئوليتها أن تضمن تفعيل قانون العرض والطلب حتى لا تتحرك الأسعار في اتجاه واحد فقط هو الارتفاع وإنما تتحرك هبوطا إذا زاد العرض على الطلب أو قل الطلب عن العرض.
وهذا يحتاج لجهد حكومى كبير يبدأ بمراجعة التشريعات التى تحظر الممارسات الاحتكارية، ثم تفعيل جهاز مواجهة الاحتكار والممارسات الاحتكارية.. وحتى يتحقق ذلك قد يستغرق بعض الوقت تستطيع الحكومة أن تتوصل إلى اتفاقات مؤقته مع كبار المنتجين والمستوردين والتجار لكبح جماح التضخم وتهدئة الغلاء الذى أصاب الأسواق، من خلال مفاوضات مباشرة معهم تفضي إلى تخفيضات في أسعار السلع المهمة والأساسية لا تقتصر على منافذ أهلًا رمضان فقط وإنما تشمل كل الأسواق لفترة مناسبة من الوقت.. وهذا بالطبع سيكون أجدى وأكثر تأثيرا في الغلاء من مراقبة رجال الشرطة ومفتشى التموين للأسواق.