رئيس التحرير
عصام كامل

مصر بين يناير 2011 ويناير 2023

كم من ثورات واضطرابات عرفتها المحروسة على مدار تاريخها الأطول، لكن 25 يناير 2011، كان اليوم الأقسى، والأقوى بين كل الأيام. أيضًا ما تلاه من أحداث جسام، تكاد تكون أصعب أحداث عاشها المصريون في تاريخهم.. لا الآباء شهدوا مثل ما شهدنا، ولا الأجداد عاصروا ما عاصرنا.


انفلات أمني، وحكم الجماعة الإرهابية، وأزمات لا تعد ولا تحصى، ثم استقرار غير مسبوق، اجتماعيا وأمنيا واقتصاديا.. ثم أزمة اقتصادية نعاني الأمرين من أجل التأقلم معها.

قام الشعب المصرى في أزمنة مختلفة باحتجاجات ومظاهرات ضد المحتل الأجنبى وضد الفساد أيضا. فثورة 1919 مثلا قامت لمواجهة الاحتلال الإنجليزي، وتعسفه الذى لم يقبل به الشعب المصري، وخرجت المظاهرات تؤيد سعد زغلول، رجالا ونساء وكل أبناء الشعب المصرى، لتواجه المحتل فى كل أنحاء مصر. 


 ثم قامت ثورة يوليو 1952 ضد ما كان يراه الشعب المصري وقتها فسادا غير مسبوق. وفى 25 يناير يحتفل الشعب المصري كل عام بذكرى معركة الاسماعيلية التى ضحى فيها العديد من رجال الشرطة بأرواحهم دفاعا عن نقطة الشرطة فى الاسماعيلية، رافضين بكل شجاعة وقوة قبول شروط المحتل.


كما اندلعت احتجاجات كثيرة مثل الاحتجاجات التى حدثت فى 18 و19 يناير 1977، فى ظل حكم الرئيس الراحل أنور السادات، احتجاجًا على قرارات زيادة أسعار بعض السلع الأساسية، وللأسف استغلت أطراف مشبوهة المظاهرات، وقامت بتخريب العديد من المنشآت الحكومية، وإحراق ممتلكات الشعب.

ظواهر سلبية تضرب المصريين


أما احتجاجات يناير 2011، فكان سببها الفساد الذى ساد الحياة السياسية،حتى إن مصر وصلت فى سنة 2010 إلى الرقم 98 من أصل 178 فى مؤشرات الفساد! 
ثورة يناير 2011، تسببت في خسائر فادحة لمصر، خاصة في النواحي الاقتصادية، نظرًا للتخريب الذي مارسه أعضاء الجماعات الإرهابية، وعلى رأسها الإخوان، في إرتكاب العديد من الجرائم، التي راح ضحيتها زهرات شباب مصر. تلك الأحداث أعادت مصر إلى الوراء عشرات السنين، وأهدرت خلالها العديد من المقدرات، مثل تدمير المجمع العلمي.


وتلاها، وذلك من الغرائب، نجاح الإخوان في انتخابات مجاس النواب، والسيطرة على معظم مقاعده، ثم اعتلاء مقعد الرئاسة، وبذلك بدأت مرحلة من أصعب الفترات التي مرت على مصر، منذ عصور الفراعنة. ولم يكن الإخوان يستهدفون سوى تمكين أعضائهم ومناصريهم في مفاصل الدولة، ولتذهب مصلحة البلاد العليا إلى الجحيم، فلم ينظروا إلى الكفاءة، ولا الجدارة، بل كان الانتماء للجماعة هو المعيار الأوحد، فضلا عن مبدأ السمع والطاعة.


وكان نجاح المشير عبد الفتاح السيسي في انتخابات الرئاسة، بعد الفترة الانتقالية، إيذانًا باستهلال مرحلة جديدة من الاستقرار، والأمن والأمان، والقوة، وهو ما بدت مظاهره في الكثير من الإنجازات والنجاحات الداخلية والخارجية، وتحسن العلاقات مع جميع الدول، رغم أن بعض المشكلات بدت عصية على الحل، مثل مشكلة سد النهضة.
واجه الرجل الإرهاب بكل قوة، وبالفعل أوشكت الأزمة على الاضمحلال، وتحسنت البنية الأساسية كثيرًا.


والآن، في يناير 2023، وبعد إجتياح العالم أزمة كورونا وأزمة اقتصادية طاحنة بسبب الحرب الروسية الاوكرانية فإن الأزمة الاقتصادية، وغلاء الأسعار، والتضخم، وارتفاع سعر الدولار؛ ظواهر سلبية تضرب المصريين بقسوة، ويئن منها الشارع، لا فرق بين فقير وموسر، ولا بين صغير وكبير.. 

 

 

الكل يعاني، والكل يصرخ.. ولا سبيل سوى التعايش، ووضع خريطة طريق على مستوى الفرد والأسرة، وجدولة الاحتياجات، وحذف الكماليات تمامًا من قوائم الأولويات. رافعين أكف الضراعة إلى الله لكي تمر هذه الأزمة اللعينة، مثلما مرت سابقاتها، وإن لم تكن بنفس الضراوة والقسوة.

الجريدة الرسمية