رئيس التحرير
عصام كامل

في أنوار الأسماء الحسنى

بدأ الحق خطابه إلى خلقه في فاتحة الكتاب بإسمي من أسمائه عز وجل وهما الرحمن الرحيم. وفي بعض معنى اسمي الله تعالى الرحمن والرحيم. الرحمن. اسم يشير إلى صفة الرحمة الإلهية وهي رحمة عامة شملت كل الخلائق وصفة الرحمة الإلهية لا تفارق جميع صفاته عز وجل. فهو رحمن في قهره وجبروته وانتقامه وإسم الرحمن مصاحب لكل الأسماء الحسنى المنسوبة لله تعالى وممزوج بها.

 

ولقد أشار عز وجل إلى رحمته الواسعة التي احتضن بها عباده وخلقه والتي لا أول لها ولا آخر ولا حد ولا منتهى في آيات كثيرة منها قوله تعالى "وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ". وقوله سبحانه "كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَىٰ نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ".  وقوله تبارك في علاه "نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ". وقوله عز وجل "قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ". 

 

وقوله جل ثناؤه "هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ۚ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا". هذا وفي فاتحة الكتاب الكريم  جمع  الحق سبحانه وتعالى بين رحمته  العامة ورحيميته الخاصة حتى يبعث في النفوس الطمئنية والإحسان بالأمن والأمان ويمحو عنها القنوط واليأس فقال تعالى “االْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ”. 

الرحمن الرحيم

ولقد كان من عظيم رحمة الله تعالى بعباده أنه عز وجل  يبسط يده بالليل ليتوب مسيئ النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيئ الليل. وأنه تعالى يتجلى على عباده كل ليلة في وقت السحر وينادي سبحانه. "يا عبادي. هل من تائب حتى أتوب عليه. هل من مستغفر حتى أغفر له. هل من مسترحم حتى أرحمه.  هل من سائل حتى أعطيه. هل.. هل.. حتى يؤذن الفجر".  

 

هذا ولأهل الإيمان والتوحيد خصوصية في الرحمة الإلهية حيث يقول عز وجل في الحديث القدسي  "إن جاءني عبدي يوم القيامة بذنوب ما بين السماء والأرض وهو لا يشرك بي أحدا أعطيته قرابها مغفرة" أي ما يعادلها ويوازيها مغفرة.. 

 

هذا وأما عن إسمه تعالى الرحيم. فهو إسم يشير إلى خصوصية الرحمة الإلهية ويحمل معنى الرحيمية وهي رحمة خاصة بعباد الله المؤمنين. ولقد تجلى الله تعالى بإسم الرحمن على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله فجعله رحمة لجميع الخلق وأشار إلى ذلك بقوله تعالى "وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ". 

 

وتجلى سبحانه وتعالى على حضرته بإسمه تبارك وتعالى الرحيم.  فكان رحمة خاصة لعباد الله المؤمنين وأشار إلى ذلك بقوله تعالى "بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ". هذا ولقد كان من خصوصية الرحمة المحمدية بالمؤمنين أن جعل الله تعالى إستغفاره صلى الله عليه وسلم وعلى آله للمؤمنين سببا لتوبة الله عليهم ورحمته لهم لقوله تعالى "وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا". 

 

هذا ولعظم مكانة أهل البيت الأطهار عليهم السلام وخصوصيتهم عند ربهم عز وجل ومحبته لهم خصهم سبحانه وتعالى بالرحمة والبركة  الإلهية حيث قال عز وجل  "رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ ۚ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ". 

 

هذا ومن المعلوم أن الرحمة الإلهية هي الخزينة الجامعة لكل مظاهر العطاء والفضل الإلهي ففيها يكمن العفو والمغفرة والستر والحفظ  والكرم والجود والعطاء الإلهي. فاللهم صلي وسلم وبارك على عين رحمتك الرؤوف الرحيم وعلى آله الأطهار الذين خصهم الله تعالى بالرحمة والبركة  وعلى صحبه وسلم..

الجريدة الرسمية