تتجدد الآمال في العام الجديد
نستهل غدًا أول أيام العام الجديد الذي نرجوه خيرًا مما سبقه.. تتجدد الآمال، وتنشط الهمم، نستلهم تجارب النجاح.. نعزز مواطن القوة.. نتلاشى السلبيات والآفات.. فالأمم الحية هي من تعي دروس التاريخ؛ فالتاريخ ليس قصصًا تحكى، أو أحداثًا ووقائع تروى للتسلية وإزجاء الفراغ.. بل هي عبر ودروس مستفادة..
فليس منطقيًا أن يسلك المرء نفس المسار ثم يتوقع نتيجة مغايرة.. فالمقدمات المتشابهة تفضي بالضرورة لنتائج مشابهة.. وما أكثر دروس التاريخ وعبره لمن أراد أن يعي ويتدبر ويعقل.
بواعث الأمل مع العام الجديد عديدة؛ فالبشرية تتطلع للخلاص من الأوبئة والحروب والصراعات التي أنهكت الناس وضيقت عليهم سبل المعاش..
وكلنا أمل أن تنفرج الظروف الدولية الضاغطة اقتصاديًا حتى تخفف أعباء المعيشة التي أثقلت كاهل الناس.. وأن تتراجع موجات التضخم وتهدأ الأسعار وتستقر الأسوق.. وحسنًا فعلت الحكومة حين أوقفت قبل شهرين بقرار من رئيس مجلس الوزراء العمل بنظام الاعتمادات المستندية لاسيما فيما يخص استيراد السلع الأساسية ومستلزمات الإنتاج وعادت للعمل بنظام التعامل بمستندات التحصيل في تنفيذ كافة العمليات الاستيرادية..
تشجيع القطاع الخاص
ذلك أن البنك المركزي قرر إلغاء الاعتمادات المستندية تدريجيًا في عمليات تمويل الاستيراد، ليكون هذا القرار الذي أعلنه رئيس الوزراء في أكتوبر الماضي ويدخل الآن حيز التنفيذ؛ استجابة لمطالب المصنعين والمصدرين ضمن مقترحات وتوصيات المؤتمر الاقتصادي ليكون بمثابة حافز لدعم النشاط الاقتصادي على المدى المتوسط.
نتطلع أن تحدث انفراجة ملموسة في الإفراج الجمركي عن البضائع بالموانئ وأن تجد طريقها للأسواق ومواقع الإنتاج وأن تمتص موجات التضخم العالية التي بعضها مستورد وبعضها الآخر من صنع التجار الجشعين الذين لا يتورعون عن الإتجار والتربح بالأزمات، وحتى يؤتي هذا القرار ثماره وتتحقق به الفائدة المرجوة لابد أن يصحبه رقابة مشددة على الأسواق لكبح أي محاولة للاحتكار والمغالاة في الأسعار حتى يشعر المواطن بجدوى هذه القرارات.
ومن بواعث الأمل أيضًا موافقة الرئيس السيسي على وثيقة سياسة ملكية الدولة التي تستهدف تشجيع القطاع الخاص على المشاركة الفعالة في الأنشطة الاقتصادية، وخلق البيئة الاقتصادية الداعمة والجاذبة للاستثمارات، وذلك لوضع الأسس والمرتكزات الرئيسية لتواجد الدولة في النشاط الاقتصادى وتخارجها التدريجي من بعض الأنشطة مع طرح بعض الشركات المملوكة لها في البورصة لتوسع قاعدة الملكية، وهو ما أن يتم بقواعد رشيدة تضمن استقرار الاقتصاد وتعظيم الموارد وضمان مزيد من الاستقرار والحفاظ على المال العام..
مع رفع معدلات النمو الاقتصادي إلى مستويات تحقق طموحات المصريين عبر زيادة معدلات الاستثمار التي تطمح الحكومة للوصول بها إلى نسب تتراوح بين 25و30%، وزيادة معدل النمو الاقتصادي لمعدلات تتراوح بين 7و9% لتوفير فرص عمل وخفض معدلات البطالة.
الطموحات كبيرة والآمال عظيمة.. لكن الأهم دائمًا هو دقة وأمانة التنفيذ وسرعته مع تحقيق مزيد من الرقابة والإفصاح وطرح المستجدات على الرأي العام حتى تجد الحكومة الدعم المطلوب وحتى تنجح في احتواء تداعيات الأزمات العالمية ومواجهة التحديات التي تزداد وطأتها يومًا بعد يوم.