حياة كريمة لأفريقيا
لا تزال أمريكا حاضرة بقوة في المشهد الدولي وهو ما يجعل ل القمة الأمريكية الأفريقية التي عقدت في واشنطن أهمية خاصة؛ ومن ثم تعول مصر على استثمار الدور الأمريكي في حل مشكلة سد النهضة من ناحية، وتعزيز آليات الاستجابة لأزمة الغذاء، لاسيما التحالف العالمي للأمن الغذائي التابع لمجموعة السبع، ومجموعة الاستجابة للأزمات العالمية حول الغذاء والطاقة والتمويل التابعة للأمم المُتحدة..
وقد أكد الرئيس خلال القمة الأمريكية الأفريقية على الارتباط الوثيق بين الأمنين الغذائي والمائي، باعتبارهما أمنًا قوميًا لمصر، بما يحتم توافر الإرادة السياسية لصياغة أطر قانونية لضبط مسار التعاون بين الدول التي تتشارك الموارد المائية وبما يسهم في تحقيق التنمية دون إلحاق ضرر ذي شأن.
العلاقات المصرية الأفريقية
مصر تعمل على تعزيز دورها الرائد في أفريقيا في إطار استراتيجية الانخراط الكامل والتعاون مع الدول الأفريقية؛ لما تمثله العلاقات المصرية الأفريقية من أهمية للأمن القومي المصري خصوصًا دول حوض النيل ومنطقة القرن الأفريقي؛ لتعزيز التبادل التجاري والحفاظ على مصالحها الحيوية.
ولا تقتصر جهود مصر فقط على المساهمة في تحقيق الأمن والاستقرار في عدد من دول الصراع بالقارة، مثل مالي وليبيا والصومال وجنوب السودان، بل تتعداها إلى تحقيق الأمن القاري بشكل شامل عبر مبادرة إسكات البنادق، وتقديم تدريبات موسعة لقوات مكافحة الإرهاب، وتوظيف القوى الناعمة والتعزيز الفعلي لشعار “حلول أفريقية للمشكلات الأفريقية” وتبني دبلوماسية هادئة إزاء مشكلات كثيرة تضرب القارة وتهدد أحيانًا مصالحنا الحيوية، وتفادي أية تصعيدات في الأزمات الأفريقية – الأفريقية.
ولا غرابة والحال هكذا أن تسعى الولايات المتحدة إلى مواصلة تعاونها الوثيق مع مصر بشأن المبادرات التي تم إطلاقها في قمة المناخ COP 27 بشرم الشيخ، والتي لها تأثير في مختلف أنحاء القارة الأفريقية، ويشمل ذلك مساهمة الولايات المتحدة بـ25 مليون دولار في مبادرة الاتحاد الأفريقي الرائدة لتسريع التكيف في أفريقيا والتي تستضيفها مصر لإطلاق برنامج تسريع الأمن الغذائى الخاص بالمبادرة، والذي سيعمل بشكل كبير على تسريع استثمارات القطاع الخاص في تكيف الأمن الغذائي مع المناخ في أفريقيا وتوسيع نطاقها.
ولم تكتف مصر بذلك بل أطلقت "مركز القاهرة للتعلم والتميز" حول التكيف والصمود، والذي سيبني قدرات دول أفريقيا كافة في هذا المجال، وساهمت أمريكا بـ10 ملايين دولار في هذه المبادرة لدعم القارة بأكملها وزيادة قدرتها على معالجة آثار تغير المناخ، ومواصلة العمل لتعزيز المصالح المشتركة وتحسين أوضاع السكان الأفارقة.
مصر تملك تجارب نجاح تنموية حقيقية؛ ومن ثم فهي تسعى بكل قوة لمشاركة تلك التجارب مع أشقائها الأفارقة، بما في ذلك مبادرة حياة كريمة لأفريقيا، ناهيك عن الإجراءات التي اتخذتها لتعزيز أمنها الغذائي بزيادة الرقعة الزراعية بتبني مبادرة زراعة مليون ونصف المليون فدان، والمشروع القومي للصوامع والذي أدى لزيادة القدرة التخزينية للحبوب بأكثر من الضعف.. ولم تغفل مصر عن أن يتم تنفيذ ذلك بالسبل الأكثر كفاءة في استخدام المياه، عبر صياغة خطة 2050 لتطوير قدرات تحلية مياه، بجانب كون مصر من كبرى الدول التي تقوم بعمليات المعالجة للمياه.