أفريقيا كيف لا تنتج غذاءها؟!
في قمة المناخ بشرم الشيخ وضع الرئيس السيسي الدول الكبرى أمام مسئولياتها تجاه القارة الأفريقية، التي لا ذنب لها فيما يشهده العالم من تقلبات، ذلك أن مصر عندما وضعت شعار (قمة التنفيذ) فى قمة المناخ، فقد وضعت العالم أمام مسؤولياته، وبخاصة الدول الكبرى، ونجحت في تجاوز ما كان من استقطاب وخلاف كبير بين الدول المتقدمة والدول النامية بالإعلان عن إنشاء صندوق الخسائر والأضرار..
وهو نجاح كبير وتقدم تاريخي مقارنة بقمم مناخية أخرى، فمثل تلك الخطوة تعني بلا مواربة اعترافًا من الدول الصناعية الكبرى بالضرر الذى سببته للدول النامية، والتوافق على استحداث صندوق لتعويض خسائر الأخيرة كما تمثل اعترافا أخلاقيا وقانونيا بتلك الأضرار الكارثية.
وسوف يتم بنفس تلك الإرادة في مرحلة لاحقة وضع القانون والسياسات والأنظمة المنظمة لصندوق تعويض الخسائر، وتعيين هيئة مشرفة عليه.
الغذاء والتغيرات المناخية
ينبغي أن نتفاءل، إذ إننا انتقلنا من مرحلة التعهد بمنح تعويضات مالية للدول التى لحقتها أضرار مناخية وهي تعهدات كانت إحدى ثمار قمة باريس إلى انشاء هذا الصندوق الذي سيكون ملزما ومثمرًا إذا ما تحركت أمريكا ومن بعدها الصين ثم دول أوروبا لدعمه بضخ استثمارات فى البنية التحتية في الدول النامية وتفعيل آليات مقايضة الديون البيئية.
يقيني أن مصر سوف تظل تلعب دورا كبيرا فى ملف التغيرات المناخية، هذه القضية الدولية المعقدة التي تواجه تحديات كبيرة يدركها الأشقاء الإماراتيون الذين سترأس بلادهم القمة المقبلة وسيعملون بالتعاون مع المجتمع الدولي على حلها، خاصة بعد تراجع الاستثمارات فى مجال الطاقة النظيفة، نتيجة لعودة العالم وكثير من الاقتصاديات إلى الفحم والوقود الأحفورى في أعقاب الأزمة الروسية الأوكرانية ومن قبلها جائحة كورونا.
القمة الأفريقية الأمريكية كانت فرصة لتحرك الدعم الأمريكي لدول القارة السمراء.. وهنا لابد للدول المتقدمة الأخرى التي حققت نماذجها التنموية على حساب البيئة، أن تبادر بتعويض الدول النامية والفقيرة التي أضرت بها التغيرات المناخية.. وفي المقابل لابد للدول النامية أن تراعي، وهي تنخرط في عملية تعزيز وتسريع عملية التصنيع الوطنى، الحسابات والمعايير البيئية، رغم أنها المسئول الأقل عن حجم الانبعاثات المسئولة عن ارتفاع درجات الحرارة.
الكل يعلم تمامًا أن القارة الأفريقية بعيدة كل البعد عن تصدير الأزمات والانبعاثات الضارة للكوكب كما الأكثر حرمانًا من استثمار مواردها والأكثر معاناة من الفقر هشاشة الأمن الغذائي رغم ما تملكه من وفرة في الموارد الطبيعية..
فوفقا لإحصاءات دولية هناك زيادة في أعداد من يعانون ضعف الأمن الغذائي حول العالم إلى 800 مليون شخص تستحوذ أفريقيا وحدها على أكثر من ثلث هذا الرقم وهنا يثور سؤال جوهري: كيف لقارة مثل أفريقيا ألا تنتج غذاءها؟ وكيف لأمة لا تنتج غذاءها أن تجنى ثمارًا للتنمية الاقتصادية، أو تؤمن استقرارًا لبناء المستقبل؟!