رئيس التحرير
عصام كامل

مفيش ليزر !

انتهى كأس العالم، وأظن أن بانتهائه ظهرت قيم كثيرة تعلمها المجتمع سواء كان بقصد أم بدون قصد.. دروس جديدة مستفادة، تجارب وخبرات وثقافات من شعوب العالم بأسره، تعلمنا المفيد والحسن منها ولفظنا الشاذ والكريه منها.. وهذا ليس مستبعدا أبدا عما تحرص الرياضة أم تقدمه بشكل مباشر أو غير مباشر.

ومن ضمن القيم الرائعة التي تعلمناها خاصة في مباراة نهائي كأس العالم بين الأرجنتين وفرنسا هو أخلاق الجمهور.. فلا أحد مطلقا يستطيع أن يشكك ولو للحظة واحدة في مدى تعلق الجمهور بهذه المباراة، وكم التوتر العصبي والنفسي والبدني الذي واجهوه في مثل هذه المباراة، ورغبتهم الشديدة في حمل هذا الكأس في ظل مباراة مليئة بالمفاجآت حتى آخر دقيقة، فلم نستطع التوقع الكأس لمن!

روح وأخلاق رياضية 

منتخب فرنسا كان يريد الفوز بالكأس لمرتين على التوالي، ومنتخب الأرجنتين يريد أن تستعيد الفوز لمرة أخرى منذ زمن بعيد، والجمهور يفكر في بلده وأهله وناسه ومع كل هذه المشاحنات حتى في عقوبات ركلات الترجيح الملحوظة جدا في هذه المباراة بغرابة وركلات الترجيح فيما بعد والتي أدت إلى اشتعال المباراة أكثر فأكثر..

لم نجد شعاع ليزر واحد يتم تسليطه على أعين اللاعبين أو حراس المرمى! ولم نجد تراشقا بين الجمهور وبعضه البعض، ولم نسمع بحدوث سب أو تجريح من الجمهور للاعبين. ولم نرَ مقذوفات من منصات الجمهور على اللاعبين، لم نرَ فرحة هيستيرية من جمهور الأرجنتين أو غضبا وحزنا مدمرا من قبل جمهور فرنسا فور انتهاء المباراة. ولم نرَ تصادم بين الجماهير أو قذف اللاعبين إثر انتهاء المباراة.

بل على العكس.. وجدنا هدوء، وثبات، إحكام في التصرفات، شكر لكل لاعب ساهم بمجهوده، احتفال واستقبال الجمهور للاعيبيه وكأنهم هم من فازوا بكأس العالم  مثلما حدث أيضا في المغرب عند وصول المنتخب للمغرب!

و لم نرَ أبدا مثل ما حدث في مباريات كأس أفريقيا أو تصفيات كأس العالم أو حتى في المباريات المحلية من تصرفات تسيء كثيرا للجماهير ولكرة القدم!

أكيد نحن لا نعمم السلبيات، فبالطبع يوجد جماهير تحترم الروح الرياضية، ولكن للأسف، في مثل هذه الأحداث، الفرد لا يمثل نفسه مطلقا، ولكن كل تصرف هو محسوب عليه ويمثل بلده..

فأتمنى أن نكون قد تعلمنا الرياضة والروح الرياضية والمنافسة الرياضية، المزيد من الخلق وضبط النفس وتقبل النصر بفرحة محكمة وتقبل الهزيمة بصدر رحب.. فالخلق هو ما يدوم، لا النصر ولا الكأس، الذين هم مجرد شكليات لمضمون شعبي وعالمي أكبر بكثير..  

الجريدة الرسمية