عاصم الدسوقي: من يكتبون عن التاريخ جعلوه أشبه بالمحنة الدرامية
قال الدكتور عاصم الدسوقى شيخ المؤرخين التاريخيين وأستاذ التاريخ إن المقولة الشائعة: إن التاريخ يكتبه المنتصرون، ما يعني أنه يفتقد إلى الحياد والموضوعية؛ كونها تعبر وجهة نظر واحدة وهي وجهة نظر المنتصر.
وأضاف: "هذه المقولة صحيحة وهي مجرد إبداع أدبي لكن ليس لها صدق علمي لأن المقصود أن الذي يكتب عن تاريخ موقعة حربية مثلًا يكتب عن المنتصر والمهزوم أيضًا لأن دراسة التاريخ لها أصول وضوابط وكتابة المنتصر للتاريخ تجعلة لا يذكر مواقف المهزوم البطولية وهذا خطأ شائع خاصة وأن أي معركة أو خصومة بها منتصر ومهزوم لكن في النهاية يحسم الأمر لصالح المنتصر وطبيعي أن المهزوم لا يكتب هزيمته".
الباحث التاريخي
وتابع لفيتو: "الأمر عكس الباحث في التاريخ الذي يدون التاريخ من خلال العودة إلى مصادرة وتحليل الأحداث عملًا بمنطق التفكير الأرسطو البحث عن السبب ثم تحكيم العقل لاستعادة الحدث كما تم وليس للباحث إلا عرض الوقائع وللقارئ أن يحكم، بمعنى لا يمكن لباحث علمي أن يكتب عن ثورة 23يوليو ويقول إنها ثورة مجيدة لأن كلمة مجيدة هي وصف وهنا يبطل حياد الباحث فالباحث يذاكر الأحداث وتصرفات الثوار ثم القارئ هو الذي يحكم وهذه أحد إشكاليات كتابة التاريخ ومسألة أن المنتصر هو الذي يكتب التاريخ هي التي جعلت التاريخ أشبه بـالعمل الدرامي لأن كاتب الدراما يدخل الموضوع بفكرة مسبقة ويختار من يخدمها من المراجع وهذه محنة الدراما".
وقائع مغلوطة
واستطرد: "هناك العديد من الوقائع التاريخية المغلوطة وتفتقد إلى الصدق لمجرد أن المنتصر هو من يكتبها وطبعًا في كثير مما يكتب عن تاريخ مصر القديمة يدخل كاتبة بفكرة مسبقة ولا يذكر إلا ما هو بطولة متجاهلًا أمور كثيرة وهذا ليس التاريخ فعبد الرحمن الرافعي هو نموذج للباحث الموضوعي في التاريخ لأنه كتب عن تاريخ مصر من الحملة الفرنسية حتى عام 1959 ولم يحمل شيئًا محددًا وإنما بحث في كل شيء وذكر كل شيء ومعظم مصادرة في ذلك الوقت كانت مما يكتب بالصحافة والتي كانت محايدة وناقلة للحدث فقط دون تجميل أو تغيير وبالتالي المعلومات المغلوطة كثيرة ولا يمكن حصرها".
