رئيس التحرير
عصام كامل

معلومات الوزراء يستعرض مؤشرات وأدوات ومجالات عمل التمويل المبتكر محليًا وعالميًا

 مركز المعلومات ودعم
مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء

أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، تقرير جديد ضمن "سلسلة تقارير معلوماتية" والتي تهدف إلى تناول القضايا المهمة بالنسبة للمجتمع وصانع القرار، ويستند التقرير إلى باقة متنوعة من المصادر المحلية والتقارير الدولية، وجاء العدد الجديد بعنوان "التمويل المبتكر".
وتناول التقرير مفهوم التمويل المبتكر، حيث أشار أنه لا يوجد تعريف شامل لهذا المصطلح، فعلى حين عرفته منظمة الأمم المتحدة بأنه "آلية تكميلية للمساعدة الإنمائية الرسمية التي تكون ثابتة ويمكن التنبؤ بها وترتبط ارتباطًا وثيقًا بالصالح العام"، عرفه البنك الدولي بأنه "مصادر تمويل جديدة، تختلف عن الطرق التقليدية للتمويل والتي توجد في الموازنة العامة للدولة"، أما منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية فقد عرفت التمويل المبتكر على أنه "التمويل الذي يشمل آليات لجمع الأموال أو تحفيز الإجراءات لدعم التنمية الدولية بطرق الإنفاق غير التقليدية من قِبل القطاعين الرسمي والخاص".

مجلس الوزراء
 

واستعرض التقرير أدوات التمويل المبتكر من أجل التنمية، حيث حدد البرنامج لإنمائي للأمم المتحدة أربع أدوات للتمويل المبتكر وهي، آليات توفر تدفقات جديدة لزيادة الإيرادات العامة، وآليات خاصة بالتبرعات ومسـاهمات التضامن التطوعية، وآليات خاصة بالأدوات القائمة على الديون، وآليات خاصة بالحوافز والضمانات والتأمين بين القطاعين العام والخاص.

وأشار التقرير إلى دور التمويل المبتكر في تمويل مشروعات التنمية حيث يسهم في سد الفجوة التمويلية لأهداف التنمية المستدامة 2030، ويرتبط التمويل المبتكر ببعض أهداف التنمية المستدامة على وجه الخصوص حيث تدخل هذه الأهداف ضمن مجالات عمل آليات التمويل المبتكر وذلك على النحو التالي، تحقيق الأهداف الصحية لبرنامج الأمم المتحدة، وإرساء قاعدة النمو الأخضر والحد من الانبعاثات لدعم البيئة، وتفعيل دور القطاع الخاص في توفير المدخرات اللازمة لعملية التنمية وتعزيز دوره في المجتمع.

 التمويل المبتكر

سلط التقرير الضوء على المجالات التي يتم استخدام أدوات التمويل المبتكر فيها وكان منها، تعبئة الموارد العامة للدولة، وتعزيز إمكانية المؤسسات التجارية والمالية الخاصة المحلية والدولية، والتعاون الإنمائي الدولي، وتعزيز التجارة الدولية، وزيادة القدرة على تحمل الديون، ودعم العلم والتكنولوجيا.

وتناول التقرير التدفقات المالية التقليدية لتمويل التنمية مقابل التمويل المبتكر، حيث ارتفعت التدفقات المالية الخارجية إلى الدول منخفضة ومتوسطة الدخل خلال الفترة (1990- 2019) وحدثت زيادة في المساعدات الإنمائية الرسمية على الرغم من أنها أصبحت أقل أهمية مقارنًة بتدفقات الموارد الأخرى، كما أن التحويلات المالية تفوق المساعدات الإنمائية الرسمية، بالإضافة إلى كونها أكثر استقرارًا من تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة؛ فقد ارتفع صافي المساعدات الإنمائية من 48.6 مليار دولار عام 2000 إلى 194.1 مليار دولار عام 2020، وذلك بنسبة ارتفاع بلغت 299.4% كما ارتفع حجم التحويلات من 121.8 مليار دولار عام 2000 إلى 653.4 مليار عام 2020، بنسبة ارتفاع بلغت 436.5%.

وتشكل فجوة تمويل أهداف التنمية المستدامة السنوية ما يتراوح بين 2.5 تريليون دولار إلى أكثر من 5 تريليونات دولار في السنة، ومن ثمَّ قد يسهم التمويل المبتكر في سد هذه الفجوة، فوفقًا لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية خلال عام 2020 من المتوقع أن تزداد فجوة تمويل أهداف التنمية المستدامة في البلدان النامية بنسبة 70% من 2.5 إلى 4.2 تريليون دولار سنويًا بسبب انخفاض أولي قدره 700 مليار دولار في التمويل الخارجية الخاص (التحويلات، والاستثمار الأجنبي المباشر، وتدفقات المحافظ، وغيرها) والاستجابة لوباء "كوفيد 19" بنحو 1 تريليون دولار سنويًا في البلدان النامية.

وأوضح التقرير أن التكنولوجيا المالية الحديثة تمثل الشق التقني لآليات التمويل المبتكر، حيث تهدف تلك التقنيات إلى تقديم خدمات وحلول مبتكرة فيما يخص الخدمات المالية، كتلك التي تقدمها المؤسسات المالية التقليدية مثل البنوك وشركات التأمين، على غرار الدفع الإلكتروني والمحافظ الإلكترونية وتحويل الأموال والتأمين والاقتراض والتمويل على غرار التمويل الجماعي والادخار وخدمات الاستثمار والتداول في منصات وتطبيقات التداول على الانترنت.

وساهمت التكنولوجيات المالية الحديثة على الصعيد العالمي، في تسهيل الخدمات المصرفية والمالية؛ حيث أصبح بالإمكان الإقراض دون وساطة البنوك التجارية، فضلًا عن سهولة وسرعة المدفوعات وتحويل الأموال، هذا بالإضافة إلى تطوير طرق استثمار منخفضة التكلفة من خلال منصات التمويل، وتقديم حلول للمشكلات التي تواجه القطاع المالي، الأمر الذي يُسهم في تعزيز القطاعات الإنتاجية، ومن ثم تعزيز معدلات النمو الاقتصادي.

 صندوق النقد العربي

وينشر "صندوق النقد العربي" دورية بحثية سنوية جديدة، بعنوان "مرصد التقنيات المالية الحديثة في الدول العربية" ووفقًا للإصدار الثاني تبين أن حجم الاستثمارات في سوق التقنيات المالية الحديثة بلغ نحو 215.4 مليار دولار خلال عام 2019، وأصبحت أنشطة منصات التمويل الجماعي واحدة من أهم مصادر تمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة حيث تأتي في المرتبة الثانية بعد رأس المال المخاطر كمصدر لتمويل هذه المؤسسات.

وأوضح صندوق النقد العربي أن نشاط التمويل الجماعي بلغ قيمته السوقية عالميًا نحو 1.5 مليارات دولار في عام 2011، ومنذ ذلك الحين شهد نموًا ملحوظًا عالميًا ليصل إلى 84 مليار دولار في عام 2018، بينما توقع أن تصل القيمة السوقية إلى 114 مليار دولار في عام 2021.

سلط التقرير الضوء على التحديات والقيود أمام التمويل المبتكر عالميًا وكان من أبرزها، أنه ما زال مكونًا صغيرًا مقارنًة بالتدفقات التقليدية لتمويل التنمية، بالإضافة إلى ارتفاع تكلفة تطوير آليات جديدة ونشرها، والمشاركة المحدودة للمستثمرين، كما أن هناك عدة تحديات ترتبط بالتكنولوجيا المالية بناءً على التجارب العالمية ومنها الخطر المتمثل في تحكم اللاعبين المحدودين في تقديم الخدمات المالية بسبب قواعد البيانات الكبيرة والبرامج القائمة على الذكاء الاصطناعي.

وتضمن تقرير مركز المعلومات التوقعات المستقبلية لأدوات التمويل المبتكر، مشيرًا أنه وفقًا شركة "تيكنافو" المتخصصة في دراسة السوق، فمن المتوقع أن تنمو سوق التمويل الجماعي بمقدار 124.35 مليار دولار خلال الفترة (2020- 2024)، بمعدل سنوي مركب يبلغ 18% تقريبًا، حيث بلغت القيمة السوقية للتمويل الجماعي نحو 100.32 مليار دولار في عام 2019، ومن المتوقع أن تصل إلى 224.67 مليار دولار بحلول عام 2024، كما شهد سوق التمويل الجماعي نموًا كبيرًا لا سيما التمويل الجماعي للتبرعات لدعم ومساعدة المجتمعات والأفراد والعديد من المنظمات في مكافحة "كوفيد 19".

السندات الخضراء

وأشار المركز إلى حجم الإصدار السنوي من السندات الخضراء وتوقعاتها خلال الفترة (2016-2023)، مشيرًا أنه من المتوقع أن يصل الإصدار السنوي إلى 1 تريليون دولار بحلول عام 2023 وفقًا لمبادرة "سندات المناخ" وذلك على الرغم من أن نسبتها لا تزال محدودة في سوق السندات العالمية الشاملة والتي قُدرت بنحو 130 تريليون دولار.

وفيما يتعلق بمصر، أوضح مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار دوافع استخدام التمويل المبتكر في مصر من أبرزها، سد الفجوة التمويلية، وتعزيز دور القطاع الخاص في تنفيذ الخطط التنموية للدولة حيث تظهر أهمية التمويل المبتكر في مصر من خلال الدور الذي يؤديه القطاع الخاص، سواء في تمويل الاستثمارات الكلية، أو في تمويل الاستثمارات الحكومية، فمن المستهدف ضخ استثمارات خلال الفترة (2018/ 2019 - 2021/ 2022) بقيمة 5.9 تريليونات جنيه ويمثل القطاع الخاص والتعاوني نحو 57.3% من هذه الاستثمارات بينما تستحوذ الاستثمارات الحكومية على نحو 17.1%، وذلك وفقًا للخطة متوسطة المدى للتنمية المستدامة لوزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية.

الهيكل التمويلي للاستثمارات الحكومية

أما فيما يتعلق بالهيكل التمويلي للاستثمارات الحكومية، فقد تم الاعتماد الأساسي على الخزانة العامة؛ لتوفير نحو 60% من إجمالي التمويل اللازم للاستثمارات الحكومية، وقد تمت زيادة تمويل المشروعات القائمة على نظام المشاركة مع القطاع الخاص، ليصل إلى 1.5% مقارنًة بنحو 0.7% خلال خطة عام 2018/2019، وعليه تتمثل أهمية التمويل المبتكر في تخفيف الضغط على الخزانة العامة للدولة من خلال إعطاء دور أكبر للمشاركة مع القطاع الخاص وتطبيق أدوات جديدة للتمويل المبتكر.

واستعرض التقرير الجهود المبذولة لتعزيز أدوات التمويل الجماعي في مصر، حيث تستهدف الدولة تعزيز مناخ التمويل من خلال حزمة من السياسات والجهود التي تستهدف خلق آليات جديدة مبتكرة للتمويل، ومن بين أبرز هذه الجهود زيادة مساهمة القطاع الخاص في عملية التنمية، وفي هذا الإطار تم إطلاق "البرنامج الوطني للإصلاح الاقتصادي" في نوفمبر 2016، وإطلاق برنامج الطروحات الذي يتمثل أحد أهدافه في جذب الاستثمارات المحلية إلى أسواق رأس المال في مصر، وفي عام 2021 تم إجراء تعديلات القانون رقم 76 لعام 2010 بتنظيم مشاركة القطاع الخاص في مشروعات البنية الأساسية والخدمات والمرافق العامة.

 البنك المركزي

ومن أبرز الجهود أيضًا الدور الذي يلعبه البنك المركزي في تطوير أدوات التكنولوجيا المالية، حيث يؤدي البنك المركزي دورًا محوريًا في تطوير أدوات التكنولوجيا الحديثة وهو ما يؤثر إيجابيًا على التمويل الجماعي؛ حيث قام البنك في مارس 2019 بإطلاق استراتيجيته المتكاملة للنهوض بمنظومة التكنولوجيا المالية والابتكار؛ والتي تهدف إلى تحويل مصر إلى مركز إقليمي لصناعة التكنولوجيا المالية وتسويقها.


كما يبرز أيضًا في إطار هذه الجهود الشراكات الدولية والاستفادة منها، حيث قامت الدولة مُمثلة في وزارة "التعاون الدولي" بعقد العديد من ورش العمل والجلسات الحوارية مع شركاء التنمية؛ لمناقشة آليات التمويل المبتكر للتنمية المستدامة والنمو الأخضر، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، اجتماع وزارة التعاون الدولي مع مؤسسة تمويل التنمية البريطانية؛ بهدف تعزيز العلاقات الاقتصادية والتعاون الإنمائي مع الشركاء كافة؛ لتوفير التمويلات الإنمائية الميسرة، والدعم الفني، وتنشيط أدوات التمويل المبتكر في مصر، والتأكيد خلال قمة المناخ العالمية على الدور الذي تلعبه أدوات التمويل المبتكر لتمكين الدول النامية والأقل نموًا من تحقيق التزاماتها بشأن مكافحة تداعيات التغيرات المناخية، بالإضافة إلى اجتماع وزارة "التعاون الدولي مع بنك "HSBC" في ديسمبر 2021، والذي أكدت الوزارة من خلاله دور أدوات التمويل المبتكر وأدوات التغلب على المخاطر في تعزيز التمويلات المناخية والاستثمارات المستدامة في البنية التحتية وقد تم التوصل إلى تشكيل مجموعة عمل لوضع خطة مقترحة لتعزيز استخدام التمويل المبتكر في مصر؛ من أجل تحقيق رؤية مصر 2030 التي تتسق مع أهداف التنمية المستدامة، وكذلك أجندة إفريقيا 2063.

وتم استعراض أدوات التمويل المبتكر في مصر ومن أهمها، السندات الخضراء والتي تعد في مصر جزءًا من استراتيجية البلاد المبتكرة لإدارة الديون، حيث تهدف السندات الخضراء إلى تنويع قاعدة المستثمرين، مع التحول إلى الاقتراض طويل الأجل، وقد قامت وزارة المالية بتنفيذ خطة طرح سندات في الأسواق الدولية لتمويل جزء من احتياجات العام المالي 2021 / 2022 وذلك وفقا لما أقره مجلس الوزراء في أكتوبر 2020، وقد تمت الموافقة على هذه الخطة التي تضمنت طرح السندات في الأسواق الدولية في حدود 7 مليارات دولار، وتتنوع بين الإصدارات بالدولار الأمريكي واليورو وإحدى العملات الآسيوية، على أن يكون تقدير حجم الإصدار لكل عملة حسب حجم المستثمرين الأجانب.

كما يعد صندوق مصر السيادي، من أبرز أدوات التمويل المبتكر، هذا بالإضافة إلى منصات التمويل الجماعي أيضًا والتي تعمل كحلقة وصل بين المتبرعين والأشخاص المحتاجين وخاصة المتعثرين ماليًا، كذلك تسهم تلك المنصات في توفير النفقات الطبية والتعليمية وحالات الطوارئ لبعض الحالات الاجتماعية بالإضافة لتمويل الشركات الناشئة والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة.

الجريدة الرسمية