حرية الفوضى والتدمير الخلقي!
في توصيف بالغ الدقة والإحاطة أكد الإمام الطيب أمام اجتماع مجلس حكماء المسلمين في ملتقى الحوار بين الاديان بعنوان الشرق والغرب من أجل التعايش الإنساني.. إن هذه الانحرافات الأخلاقية التي يحاول البعض فرضها، ما هي إلا حرية الفوضى والتدمير الخلقي، وهدم البناء الداخلي للإنسان..
مشيرًا إلى أن ما يعانيه إنسان اليوم من آلام وما يواجهه من تحديات، ما هو إلا نتاج لما اقترفته يد الإنسان، وإقصائه للقيم الدينية والمبادئ الأخلاقية، وأن أزمة تغير المناخ هي أيضا من صنع الإنسان المنخلع، وهي أثر من آثار «الأنانية» واقتصاد السوق والفلسفة الرأسمالية وخطابها الذي يقول: "اربح أكبر قدر ممكن حتى لو بعت كل شيء".
وليس هناك مخرج من حبائل هذه الرذائل التي تحاول هدم القيم وتدمير المجتمعات أخلاقيًا إلا ببناء وعي جماعي متنامٍ حيال التحديات التي تواجهنا وهي ما تمناه شيخ الأزهر لزرع الأمل في ولادة صحوة جديدة يستيقظ فيها الضمير العالمي ليقوم بدوره في مجابهة هذه الأزمات.
ولعل كثيرًا مما نواجهه من مشكلات حياتية يومية يمكن رده كما نوه شيخ الأزهر إلى التدهور الأخلاقي الشديد الذي ضرب بنيتنا الاجتماعية بقوة في العقود الأخيرة وجعل حياتنا صعبة للغاية؛ ذلك أنه ترسب في النفوس، على مدى سنوات الفساد والتجريف التي عاشتها مصر، ثلة من القيم السلبية والأخلاقية الرديئة، منها مثلًا الكذب والاحتيال والمراوغة والغش والنفاق والفهلوة والانتهازية والأنانية وعدم إتقان العمل والتهرب من المسئولية وعدم احترام الوقت وخلف الوعد وخيانة الأمانة والكسل واللامبالاة والعشوائية والقبح في القول والعنف وعدم احترام حقوق الآخرين، والاستهانة بالنفس البشرية وإهدار قيم النظافة والجمال والنظام.
ومما يؤسف له أن تركيبة أخلاقية بهذا السوء تركت آثارها السلبية واضحة فيما يعانيه مجتمعنا من ظواهر وسلوكيات مشينة تتجلى في حوادث عنف بشعة تجرد أصحابها من الشعور الإنساني ومن أدنى درجات العقل والبصيرة حتى باتت شبحًا يهدد مستقبلنا وينسف أماننا النفسي وأمننا الاجتماعي.. مثل هذا الانحدار لا يتوقف بل يزداد سوءًا.