ارتياح عام وفي انتظار المكافأة!
نعم يوجد ارتياح شعبي عام في كل الأوساط، والارتياح أكبر وأعمق على المستوى الرسمى، ذلك أن يوم ١١/١١ مر مرور السحاب اللطيف علي القطر المصرى بسكانه وحكامه، وكان الناس يتوقعون هبوب رياح خماسينية تخريبية، تقتلع الزرع وتبث الخراب، وتنشر الفوضى. العشرة أيام السابقة على يوم الانذار عطلت مشاعر كثيرة ومصالح كثيرة، ومواعيد تأجلت، لكن الحكومة كانت ماضية في خطتها تجهيزا للمسات الأخيرة لقمة تغير المناخ، بل إن رئيس البلاد فاجأ المصريين وهو يركب الدراجة على رأس مجموعة من السياح والزوار، ضاحكا، وكأنه لا يكترث لثورة، نقولها تجاوزا، تنتظره في الصباح التالي.
بالطبع فإن ما فعله الرئيس السيسي كان رسالة قاطعة بأن البلاد في أمن وأمان، وأنه مطمئن إلى وعى الشعب. بالطبع أيضا كان هناك، ولا يزال إستياء من صعوبة الأحوال المعيشية، وهو ما أراد الخونة والمحرضون تسخيره لتسخير الناس وإخراجهم إلى الشوارع يخربون ويدمرون ويحرقون، إعادة تدوير لمصيبة ٢٥يناير ٢٠١١. ولأن الخيال الشعبي سبق أن اكتوى من قبل بزيارة شؤم لباراك أوباما، تلتها تخريبية يناير، فإن الناس باتوا يربطون بين زيارة بايدن، وهو ديمقراطي أيضا من نفس حزب أوباما، بل كان نائبه، وبايدن يوم التخريب المرتقب ١١/١١..
ولما جاءت نانسي بيلوسي قبلها بيومين، تحسس العقلاء في الوطن أدمغتهم، فهذه السيدة رئيسة مجلس النواب الأمريكي كيادة، أثارت غضب الصين بزيارة تصادمية إلى تايوان، نكاية في بكين لموقفها المساند لروسيا في الحرب على أوكرانيا، ولما رآها الشعب تتأبط ذراع الرئيس وتتساند عليه تعجبوا وداخلهم شيء من الاطمئنان. وجاء بايدن في اليوم المرتقب، وتحدث عن مصر أم الدنيا، ومنح البلاد نصف مليار دولار حتى عام ٢٠٣٠ للمساعدة على التحول إلى الطاقة النظيفة.
صمود الشعب
وإنتهى اليوم وعاش المصريون واحدا من أهدأ أيام حياتهم، بل خرج كثيرون يستمتعون بالشوارع والميادين الخالية.
لم ينزل أحد، لم يستجب أحد لمجموعة من الخونة، والمخدرين، وإن المرء ليعجب كيف يمكن لمتعاطي مخدرات أن يتزعم المصريين ويقودهم ليحرقوا بلدهم وليأتوا به على رأس البلاد؟ تخيلات المخابيل والعملاء تمنحهم مجالا طيفيا بلا نهاية، صحوا منهم على صفعة مدوية.
لم ينزل الشعب المصرى، ولم يستجب للخونة لأنه لا يزال يدفع ثمن النزول الأول في يناير، ويعلم المصريون أنهم خدعوا بشعارات كاذبة، وأن فاتورة الخراب لايزالون يسددون اقساطها. لم ينزل المصريون لأنهم يرون أن القيادة والحكومة تبنى وتعمر، بلا كلل، وربما نختلف على الأولويات، لكن الناس واعية أن الرئيس يحلم بوطن عظيم، وطبيعي أن نختلف، وطبيعي أن يطلب الناس الطعام قبل أي شئ، لكن عند الاختبار صمدت مشاعر الشعب، وتجلى العقل المصري في أروع مظاهره، فالانضباط والخوف على البلد وإدراك أن الخراب الثاني ليس بعده بلد ولا وطن، كانت كلها كفيلة لإفشال الدعوة التخريبية.
حسنا يا حكومة.. ها هو الشعب أثبت أنه واع وصبور ورافض لحكم العملاء والإخوان، وها هم المصريون برهنوا للعالم أن لا شئ يتغير في مصر إلا إذا رغب الملايين من الشعب.. الآن حان الوقت لمكافأة الشعب! هذا. لسان حال الناس، يريدون من الحكومة أن تكافئهم على وطنيتهم.. البعض يترقب مالا لكن الأغلبية تتحدث عن مزيد من التيسيرات.
بالطبع، ليس للوطنية ثمن إلا الروح، والناس مستعدون للموت في سبيل الوطن، لكن الإحساس العام بالانتصار على الشر، وحفظ البلاد آمنة، جعلهم يتعشمون في حنان حكومى أكبر يلطف حياتهم، ويخفف عنهم.
نجح الشعب المصرى بامتياز في اختبار التخريب الثاني، فلم يتم، لأنهم وعوا وتعلموا ولا يزالون يدفعون ثمن الحماقة الأولى. باختصار فإن ١١/١١سجل في التاريخ بوصفه استفتاء شعبيًا ناجحا على أداء النظام، رئاسة وحكومة. بقلب ثابت سوف تمضي مصر نحو التقدم.