لماذا يجب أن نسخر من المشاهير
للشهرة ثمن، يدفعه هؤلاء الذين يعيشون تحت الأضواء في شكل عملة من نوع خاص، لا تشبه الجنيه ولا الدولار، لكنها عملة سُكت من حياتهم الشخصية، على حساب حريتهم وقدرتهم على الاستمتاع بالأشياء من حولهم.. أعلم أنه لا يجب أن يقيد شخصا، ولا أن يحرم من حقوقه الطبيعية في أن يعيش حياته بالشكل الذي يريحه، مهما كان الثمن... لكنها الشهرة يا عزيزي.
إذا سألت أحد المشاهير عن حلم حياته، سيخبرك بلا تردد عن رغبته في أن يسهر في مكان عام، أو أن يتناول وجبة الغذاء بصحبة أسرته أو أصدقائه، أو أن يذهب إلى أحد الشواطئ... دون أن يتعرض لمضايقات الجمهور.. وهذا حقه، لكن من عجب أن أي شخص يسعى للشهرة، سيكون حلم حياته في البداية أن يعرفه الناس ومن ثم يحقق مالا جراء شهرته كفنان أو رياضي أو... وحين يحقق الشهرة والمال، ستتحول ملاحقة الناس ورغبتهم في معرفة تفاصيل أدق حياته له إلى لعنة، تجعله يتمنى لو ينفق ماله كله مقابل الخلاص منها.
كابوس الشهرة
زمان، كان المشهور يحتك بالجمهور في مناسبات معدودة وأماكن معدودة ومع عدد محدود منهم، لكن مع ثورة السوشيال ميديا بات الأمر وكأنه كابوس.. فهذا النجم أو هذه النجمة أو ذاك المشهور، باتوا جميعا أهدافا مستباحة - ليل نهار- لأمواج من الجماهير، يمكنها الولوج إلى صفحات الشخصيات العامة، ومطاردة أهدافهم بشكل مباشر.. سواء بالكومنت المسيئ أو التشهير بهم في منشورات مطولة.
قطعا، ليست العلاقة بين الجمهور والمشهور بهذا السوء طوال الوقت.. لكن الجميع - بلا استثناء - باتوا في مرمى النيران.. والمحبوب اليوم قد يكون مكروها غدا، بسبب موقف أو سوء تفاهم أو للتأويل الخاطئ لتصريح أو كلمة قالها النجم الفلاني. وبعيدا عن السب الصريح، ووقاحة البعض، تبقى السخرية هي السلاح المفضل لدى الجماهير – في مصر– للنيل من النجم الذي هوى. ورغم أنني لا أحبذ فكرة السخرية الجارحة، إلا أن السخرية الحميدة قد تكون مقبولة، طالما التزمت بمعايير الجودة!!.
سخرية حميدة ومعايير جودة؟!
دون شك أنت تسخر مني الآن، لكن دعني أوضح لك عزيزي المشاهد.. قد تبدو السخرية حميدة ومقبولة، إذا ما كانت تمثل نقدا لسلوك أو أداء شخص، لا تنمرا على لون أو جنس أو شكل أو حال اجتماعي.. ولا أن تنال من كرامة أو تخوض في عرض.. ولا أن تتناول تفاصيل حياة شخصية وعائلية.. فوصف أداء ممثل أو لاعب كرة بالضعيف وتشبيهه بشيء مثير للضحك يختلف تماما عن السخرية من شكل هذا الممثل أو هيئته أو لون بشرته، أو التطرق لسيرة أحد من أفراد أسرته.
أظن الفرق واضحا
وعلى اعتبار أننا اتفقنا على تعريف السخرية الحميدة، التي لا تخلو من الألش والميمز والكوميكس، فلا خلاف على أن النقد الساخر لسلوك المشاهير، سيجعلهم حتما يفكرون ألف مرة قبل الإقدام على ارتكاب الخطأ نفسه مرة أخرى، بل سيكون دافع لتحري الصواب في كل خطوة يخطونها مستقبلا.
وتاريخيا، ظهرت الكوميديا كفن يسخر من العيوب، حتى يظهرها بشكل يجعلها مستهجنة، ما يدفع الناس للابتعاد عنها حتى لا يصبحوا هدفا في مرمى السخرية اللاذعة، وكمثال ذلك سخرت معظم مسرحيات شكسبير من البخيل ولم تسخر من الفقير.. فالبخل رذيلة يُسأل عنها الإنسان، أما الفقر فهو وضع اجتماعي، أو كما نقول بالبلدي نصيب.
ملاحظة أخيرة، أظنك - وبعض الظن ليس إثما - ظننت - وبعض الظن إثم - أنني في مقال يحمل هكذا عنوانا «لماذا يجب أن نسخر من المشاهير» سأتطرق إلى زيجات وطلاقات المشاهير خصوصا الممثلين، أو أنني ساتحدث عن هؤلاء الذين يفشون أسرارهم بأنفسهم ويجعلونها كالسلع التي تباع مكشوفة على الأرصفة، لكن إسمح لي أن أخيب أملك.. لأ.. لن أتحدث عن هؤلاء والسلامو عليكو.