أجمل قصيدة في ديوان حياتنا!
حب الوطن يتشربه الطفل من أسرته وقدوته في المجتمع؛ يغرسه الأم والأب في فلذات الأكباد منذ نعومة أظفارهم، ويعلمانهم الوفاء للأرض، ثم يأتي دور المدرسة في تنمية هذا الحب وذلك الولاء من خلال إفهام الطلبة معنى كلمة الوطن وأهميته في الحياة ودورنا في رفعته، ثم تأتي الجامعة لتعمل على تغذية وإنضاج هذا الشعور والتعبير عنه إزاء هذا الصرح عمليًا بوعي وفهم عميق عبر فعاليات متنوعة وأبحاث علمية ترفع شأن الوطن عاليًا مع الحرص على تحقيق أعلى الدرجات في الدراسة..
ولست أدري إلى أي مدى لا يزال هذا الدور قائمًا كما كان في الزمن الجميل أم اختفى في زماننا العجيب؛ زمن الفوضى والغش والحروب والأزمات. الوطن مظلة الأمن والأمان.. ذكريات الطفولة والصبا، جذور الماضى وأعمدة الحاضر وأحلام المستقبل.. فلكل منا ذكريات لا تنسى فيه، ففيه تربينا، ونشأنا وكبرنا وتعلمنا شتى أمور الحياة.. نعيش في خيراته وننمو على أرضه.. هو أجمل قصيدة في ديوان حياتنا.. هو سند من لا سند له، وظهر من لا ظهر له.. وطني لو شُغلت بالخلد عنه.. نازعتني إليه في الخلد نفسي.
حب الوطن
فإذا كان من الفضيلة أن يموت الإنسان فداءً لوطنه.. فالأجمل أن نحيا أولًا من أجل هذا الوطن لتعميره وتنميته بشرًا وحجرًا؛ فبناء الإنسان أغلى استثمار وهو الأساس الذي ترتكز عليه تنمية بقية الموارد التي يملكها هذا الوطن.. كرامة الإنسان- أي إنسان- مصونة في وطنه بحسبانها حقوقًا لا يجوز المساس بها ومن ثم يقول جورج واشنطون: "يُفَضّل أن أكون مزارعًا في وطني على أن أكون حاكمًا خارج أرضه"..
حب الوطن من الإيمان شأنه شأن بر الأم والأب، والدفاع عنه واجب مقدس على كل أبنائه.. هكذا تعلمنا من ديننا ومن ثقافتنا ومن تراثنا؛ فالأرض عرض وشرف ورمز الوجود والهوية. وإذا كان بناء الوطن وتنميته واجبًا أصيلًا على كل مواطن؛ فإن الحفاظ على الوطن والدفاع عنه والتصدي لأي محاولة لتخريبه أو النيل منه أوجب؛ انطلاقًا من أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح.. حتى لو اقتضى الأمر استئصال العناصر الفاسدة التي تضر بالوطن بالقانون والعدل.. ولن يتحقق ذلك إلا إذا عرف كل مواطن-مسئولًا كان أو مواطنًا- ما له من حقوق، وما عليه من واجبات.
الوطن هو الأرض التي ولد فيها المواطن، ونشأ وترعرع عليها، ويمثل الذكريات الجميلة التي لا يمكن للمرء نسيانها حيث يحتضن الأولاد والأحفاد والأصدقاء والأهل كما احتضن الأجداد والآباء.. يقول أبو حامد الغزالي: “والبشر يألفون أرضهم على ما بها ولو كانت قفرًا موحشًا”..
وتعلي كتب التاريخ من شأن حب الإنسان لوطنه؛ فبلال مؤذن الرسول هاجر في الله ونال أجر الهجرة العظيم ولم يمنعه ذلك من الاشتياق لمكة بلده التي تربى فيها، وحنَّ إليها، ولا يعني حب الأوطان التعصب لوطن دون آخر، أو لجنس دون جنس، أو تقسيم الأمة إلى فئات أو طوائف متناحرة متباغضة ومتنافرة؛ فحب الوطن يعني الأخوة والتعاون؛ فكلمة الوطن تعني الكثير؛ فهو لكل واحد منا مثل بيته الذي يملكه ويؤويه وأسرته.