حب الوطن فريضة!
المصريون شعب مقبل على الحياة، تتسع قلوبهم للحب والعطاء والتسامح على مر العصور، وتلك من خصوصيات الشخصية المصرية التي أهلتها للبقاء والخلود؛ ولذلك فليس غريبًا عليهم أن يحتفل المصريون ب عيد الحب مرتين في كل عام، الأولى في الرابع عشر من فبراير أو ما يسمى عالميًا ب الفالنتين أو عيد الحب؛ ذلك اليوم الإنساني المبهج الذي تنتعش فيه تجارة الورد والشيكولاتة وبطاقات المعايدة وتحقق مبيعات ضخمة.. أما الثانية فهي في الرابع من نوفمبر وهي مناسبة سنَّها الكاتب الصحفي الكبير مصطفى أمين ولا تزال سارية في مجتمعنا تعيد تذكيرنا بفضيلة الحب التي تنتصر على الكراهية والضعف الإنساني.
الحب عند المصريين بحكم تكوينهم الثقافي والحضاري لا يقف عند حد، فهو حب الله الخالق، والرسل والرسالات السماوية وحب الأوطان والأسرة والجيران والأصدقاء وحب الناس جميعًا لذلك رفضوا أن ينصاعوا لدعوات الجماعة المشبوهة للخروج في مظاهرات أمس ولقنوهم درسًا لن ينسوه.
فالإخوان دعاة تخريب وفوضى وهدم بينما الشعب المصري مسالم بطبعه لا يكره أحدًا ويتمنى الخير كل الخير للجميع.. ومثل هذه العاطفة الصافية المتدفقة تحفظ للشخصية المصرية فضائلها وقيمها الرفيعة وتحميها من سلبيات الكره والغش والحقد وأمراض القلوب.. ومن ثم فهي تتمثل في سلوكها قول الشاعر إيليا أبي ماضي "إن نفسا لم يشرق الحب فيها هي نفس لم تدرِ ما معناها، أنا بالحب قد وصلت إلى نفسي وبالحب قد عرفت الله"..
الحب نافذة أمل للجميع، به يتخلص الإنسان من الهموم ومن أثقال النفس ونوازعها الشريرة ويحتفظ بنقائه ورونقه ودفئه الروحي.. وأفضل الحب بعد حب الله، هو حب الوطن؛ ذلك الإحساس الخفي الذي يحركنا للتعلق به والانتماء إليه، مهما بعدت بنا المسافات، وهو شعور فطري يولد مع الإنسان ويكبر مع تقدم العمر به، فلا شيء يضاهي دفء الأرض التي خُلقنا من ترابها وترعرعنا فيها، إنه حب توارثناه من الآباء والأجداد حتى استقر في قلوبنا ولا يزال يكبر ويكبر.