تفاصيل الحرب الكندية على اللجان الإلكترونية للإسلاميين.. 1.9 مليون دولار لمكافحة المحتوى المتطرف والعنيف على الإنترنت
من عشرات البلدان الغربية، تبدو كندا الأقرب إلى محاصرة ظاهرة اللجان الإلكترونية التى تطلقها التيارات الدينية لاستقطاب مؤيدين وتدمير نمط الحياة المخالف لهم، حتى لو فروا بكامل إرادتهم ودون أى ضغط، بل إن النمط الذى يحاربونه هو سر بقائهم حتى الآن، ولكنها آفة التيارات الدينية التى لا تعرف إلا الانغلاق سبيلا للحياة.
حملة مكافحة التطرف
تعمل الخطة الكندية على ضخ تمويل يصل إلى 1.9 مليون دولار لمكافحة المحتوى الإرهابى على الإنترنت وكذلك المتطرف العنيف، وبهذه المبالغ تقدم كندا والمؤسسات المعنية نفسها إلى العالم باعتبارها أكثر حرصًا على محاصرة التيارات الدينية وإجهاض خططها وأفكارها وبرامجها.
وحسب قوانينها تلتزم حكومة كندا بضمان عدم استخدام وسائل التواصل الاجتماعى وغيرها من المنصات على الإنترنت كأدوات للتحريض على الإرهاب والعنف والكراهية ونشره والترويج له، خاصة أن المشكلات التى فجرتها هذه التيارات فى العقد الأخيرة جرت على العالم كله أزمات لاحصر لها وكانت أحد أسباب ترويج التطرف والعنف فى بلدان العالم التى تقدم لهم استضافة وحياة داخل أراضيها.
روجت كندا خطتها من أعلى مستويات السلطة - رئيس الوزراء جاستن ترودو - خلال قمة قادة كرايستشيرش كول 2022 لمكافحة المحتويات الإرهابية والمتطرفة العنيفة على الإنترنت، إذ أكد رئيس الوزراء أن كندا ستلتزم بالتمويل اللازم على مدى ثلاث سنوات لإيجاد تكنولوجيا قادرة على العمل ضد الإرهاب من خلال تعزيز منصة تحليلات المحتوى الإرهابى (TCAP)، والتى تعتبر أقوى أداة غربية آمنة عبر الإنترنت تعمل بدقة للكشف عن المحتوى الإرهابى الذى تم التحقق منه وإخطاره وتحليله.
حسب المعلومات المتاحة، سيتم توفير هذا التمويل من خلال «صندوق مرونة المجتمع» الكندى للمشاركة المجتمعية ومنع العنف (CRF)، والذى يدعم الشراكات والابتكار فى مكافحة التطرف والعنف فى كندا.
لجان الإسلاميين
جدير بالذكر أن النضال الكندى ضد اللجان الإلكترونية للإسلاميين والمحتوى المتطرف والإرهابى على الإنترنت بدأ فى يونيو 2019، وقدمت حكومة كندا ما يقرب من مليون دولار من التمويل لدعم التكنولوجيا الموجهة ضد الإرهاب وجرى إنشاء منصة TCAP المعنية بذلك.
بناءً على نجاحات برنامج TCAP ستعمل المرحلة الثانية من النظام الأساسى على توسيع قدراته لتحديد وتقييم المزيد من أنواع المحتوى عبر مجموعة واسعة من الأنظمة الأساسية والمساعدة فى تطوير أداة تعديل المحتوى لمساعدة شركات التكنولوجيا الصغيرة فى إزالة هذا المحتوى الإرهابى بسرعة.
وحسب مصادر، التجربة الكندية محل بحث إعجاب شديد من الكثير من البلدان الغربية، إذ يعتبر تحليل المحتوى الإرهابى والمتطرف والبحث عنه فى أى مكان بالإنترنت ومباغته المتطرفين وعدم انتظار الكارثة فكر جديدًا فى معالجة التطرف، حيث يمكن لأى شخص يتلاعب بالكلمات ويحرض على القانون والدولة المدنية التأثير على الآخرين والتحريض على العنف، لهذا تستثمر حكومة كندا فى أدوات حقيقية تجعل الإنترنت مكانًا أكثر أمانًا لكندا والكنديين والعالم وليس العكس.
تسخر الحكومة الكندية، المركز الكندى للمشاركة المجتمعية والوقاية من العنف وتجعل منه أبرز الجهات التى تقود جهود الحكومة فى مكافحة التطرف، إذ يعمل مع جميع مستويات السلطة والمنظمات غير الهادفة للربح والأوساط الأكاديمية وجهات إنفاذ القانون لتحقيق هذه المهمة على أكمل وجه.
ولا تكتفى كندا بالمواجهة الداخلية، بل تسوق خطتها للخارج، من خلال دول مجموعة السبع تشارك هذه البلدان جهودها الرقمية للسيطرة على المحتوى المتطرف، وتتفاعل بقوة مع منتدى الإنترنت العالمى لمكافحة الإرهاب بقيادة فيس بوك وجوجل وتوتير وميكرسوف ومعالجة القضايا المتعلقة بالتطرف العنيف واستخدام الإرهابيين للإنترنت، كما يوفر صندوق مرونة المجتمع الدعم المالى للمنظمات الدولية التى تعمل على تحسين فهم المجتمعات وقدرتها على منع التطرف العنيف ومكافحته.
رعب غربي
يقول الدكتور مهند خورشيد، عالم الاجتماع فى جامعة مونستر بألمانيا، أن هناك حالة من الرعب تجتاج العالم الغربى بسبب تسلل الفكر المتطرف داخل المجتمعات الغربية، إذ استفاق الأوروبيون على عدة هجمات قاتلة خلال العقد الأخيرة، وكلها هدمت النظريات القديمة فى الأمن والتعايش الذى جعل الغرب يوفر إعاشة كاملة لشخص متطرف على أمل صهره فى المجتمع المفتوح وتغيير قناعاته بالحوار.
ومن جهته، يقول الدكتور راما عزيز، مدير برنامج الشرق الأوسط بمركز تريندز للبحوث والاستشارات، أن الإخوان المسلمون على وجه التحديد نجحوا طوال عقود فى التلاعب بأهم القيم الغربية وهى الديمقراطية وحقوق الإنسان، ومن السمات البارزة لهذا التلاعب اعتماد العالم الغربى على الإخوان فى نشر الديمقراطية وحقوق الإنسان فى العالم العربى كوسيلة لتجنيدهم فى الحرب على الإرهاب بعد هجمات 11 سبتمبر.
وأوضح أنه لسنوات طويلة كانت المؤسسات الغربية تعتمد على تقارير المؤسسات الحقوقية الإخوانية وقبلت نتائجها دون أن تتمكن من تتبع مصدر وواقعية المعلومات، إذ كانت الإخوان تستغل الثغرات الموجودة فى الهياكل القانونية والتشريعية بأمريكا الشمالية وأوروبا وكندا بما سمح لها بإساءة استخدام القوانين والحرية والديمقراطية، وهو ما أصبح الغرب على وعى كامل به الآن.
نقلًا عن العدد الورقي…