كلام عن ١١/١١!
منذ بضعة أسابيع انطلقت دعوة إلكترونية موجهة للمصريين للخروج للشوارع للتظاهر من أجل تغيير النظام السياسي في البلاد، على غرار ما حدث في يناير ٢٠١١.. ويلاحظ أولا أن هذه الدعوة لا يعرف صاحبها الأول أو أصحابها الأوائل الذين فكروا فيها وأطلقوها، وإن كان عرف فيما بعد من رحب بها بل وتبناها ويقوم الآن بالترويج لها.. ويلاحظ ثانيا أن الإخوان ومن ارتبطوا بهم وتعاونوا معهم تصرفوا إزاء هذه الدعوة بنهج مختلف عن دعوات التظاهر في يناير ٢٠١١.. فهم لم يتنصلوا منها أو لم يلتزموا الصمت تجاهها وإخفاء دورهم في الحض عليها، بل إنهم يشاركون الآن فيها علنا من خلال حث المصريين على الاستجابة لها..
وسخروا قنواتهم التليفزيونية ومواقع إلكترونية للدعوة لها، ويبدون أنهم يراهنون عليها كثيرا في ظل حالة الضيق من الأزمة الاقتصادية التى جعلت التضخم ينهش في الدخول الحقيقية للمواطنين أصحاب الدخول المتوسطة والمحدودة.. كما يلاحظ ثالثا أن هذه الدعوة رغم إنها إنطلقت من خارج مصر إلا أنها وجدت سبيلا للوصول إلى أذان في الداخل المصرى، في ظل إستعادة الإعلام الاخواني بعض أذان المصريين بعد أن كان أصحابها قد انصرفوا عنه بعد يونيه ٢٠١٣ لآن اعلامنا لم يقنع أصحاب هذه الأذان للانصات له والإكتفاء به..
الإطاحة بحكم الإخوان
كذلك يلاحظ رابعا أن من أطلقوا هذه الدعوة قد إختاروا موعدا له دلالاته، مثلما حدث في إختيار يوم ٢٥ يناير الذى يمثل عيدا للشرطة وذكرى صمود ابطالها أمام قوات الإحتلال في الإسماعيلية.. فإن موعد دعوة ١١/١١ يأتى متزامنا مع استضافة مصر مؤتمر المناخ العالمي في شرم الشيخ والذى تصاحبه عادة مظاهرات لأنصار حماية المناخ العالمي وحماية مستقبل الكرة الارضيّة.
وهذا يُبين الجهد الكبير الذى قام ويقوم به أصحاب الدعوة لمظاهرات ١١/١١.. كذلك يلاحظ خامسا أنه رغم أن الإخوان يدعون بقوة وعلنا لهذه المظاهرات ولا يخفون أنفسهم مثلما فعلوا مع دعوة يناير ٢٠١٢ إلا أن ثمة حرص سواء في قنوات الإخوان أو في الفيديوهات التى يتم ترويجها على مواقع التواصل الاجتماعي على أن يبدو أن المشاركين في هذه الدعوة ليسوا إخوانا، من خلال مشاركة شخصيات تبدو عادية في حملات تلك الدعوة وشخصيات نسائية غير محجبة لإظهار أنها دعوة وطنية وليست اخوانية..
وبعد هذه الملاحظات الأولية يجب أن نتذكر أن هذه الدعوة ليست الدعوة الأولى التى يتم توجيهها إلى المصريين للخروج للشوارع لتغيير النظام السياسي.. فقد تكررت كثيرا في مناسبات مختلفة ومواعيد متنوعة تلك الدعوة من قبل.. وكانت دوما لا تلقى استجابة من المصريين، لدرجة أن أصحاب هذه الدعوات كانوا لتغطية فشل دعواتهم ينشرون ويذيعون فيديوهات تصور مشاهد لمظاهرات قديمة شهدتها البلاد في الأيام التى تلت الإطاحة بحكم الإخوان عام ٢٠١٣ وتحديدا بعد فض إعتصام رابعة والنهضةَ بالقوة لرفض الإخوان فضه سلميا..
لكن الجهد المبذول هذه المرة من قبل أصحاب هذه الدعوة والمروّجين لها أكبر مما كان يحدث في كل مرة سابقة تمت فيها دعوة المصريين للخروج والتظاهر، فلا حديث الآن يوميا لقنوات الإخوان إلا عن مظاهرات ١١/١١ التى ستفتح الباب لتغيير النظام السياسي، رغم أن القائم بأعمال مرشد الجماعة أعلن أنها تخلت عن سعيها للوصول إلى السلطة وأنها هجرت العمل السياسى وسوف تكتفى بالعمل الدعوى الدينى..
كما أنه رافق هذه الدعوة مجاهرة فريق داخل الإخوان بممارسة العنف من أجل إستعادةَ الحكم مجددا، وهو الفريق الذى ينتسب للقيادى الاخواني محمد كمال آخر المؤسسين للتنظيم السرى المسلح للجماعة. وهذا يجعلنا ننظر لهذه الدعوة الجديدة بعين مختلفة عن نظرتنا لكل دعوات المظاهرات التى تلت الإطاحة بحكم الإخوان.
ونكمل غدا