الأنبياء أكثر من تعرضوا للشائعات!
الشائعات سلاح قديم كان الأنبياء عليهم السلام وهم أشرف الخلق أكثر من تعرضوا له؛ رغم أن الله أرسلهم لإخراج الناس من الظلمات إلى النور.. وقد تجلت تلك المصيبة في أسوأ صورها في حادثة الإفك التي طالت إحدى زوجات النبي رضى الله عنهن.. حتى نزل القرآن يبرئها من فوق سبع سماوات في سورة قرآنية ابتدأت بقوله تعالى: "بَرَاءَةٌ مِّنَ اللَّهِ".
والسؤال: ما الذي يدفع البعض لخلق وبث الشائعات؟.. والجواب: إن دوافع الحقد والحسد والعناد والأنانية والأطماع والرغبة في الإيذاء والتنكيل تقف وراء هذا النوع من السلوك المريض غير السوي؛ فالشائعة أحد وسائل الحرب النفسية.. الكارثة ليست فقط فيمن يكذب لكن فيمن لديه قابلية مدهشة على تصديق مثل هذا الكذب دون أدنى تمحيص أو تثبت من حقيقة ما يسمعه، مخالفًا بذلك مبدأ قرآنيًا أصيلًا يقول الله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ".. والمؤسف أن البعض يخلق الكذبة ثم يصدقها حتى يصبح لسان حاله "كلما أردت أن تلمع أكثر إكذب أكثر وأكثر".
معلومات خاطئة
هناك من حلّل بعض محتوى وسائل التواصل الاجتماعي واكتشف منسوب المعلومات الخاطئة أو الصادقة جزئيًا، الكاذبة في بقيتها.. وهذه المعلومات يتم تناقلها بسرعة البرق؛ لأن هناك من يميل للإثارة السلبية والبحث عن مطعن في شخص ما أو وجهة محددة دون تدقيق المعلومات أو حتى تصديق نفيها؛ الأمر الذي يقتضي الجهات المعنية قوة الرد على تلك الشائعات بتوفير معلومات صحيحة في وقتها المناسب.
لا شك أن الشائعات هي أكثر ما يمكن أن يهدد أي مجتمع؛ ذلك أنها إذا لم تتم مواجهتها بسرعة تترك آثارًا وخيمة تجعل المواطن في حالة خوف وتوجس وريبة، وتلك الشائعات تجد ضالتها في وسائل التواصل الاجتماعي إحدى أهم أسلحة الحروب الجديدة التي تحولت لأداة تخريب وهدم عبر بث أكاذيب مضللة، ابتداءً بلعبة غلاء الأسعار واستغلال الأزمات الموجودة حاليًا، وانتهاءً بالعلاقة بين البنوك وعملائها، مرورًا بسعر الدولار الذي يستخدم كفزاعة تهدد مؤسسات الدولة اقتصاديًا..
فعندما يتعرض الاقتصاد -أي اقتصاد- لحرب شائعات فإن ثمة قطاعات كثيرة تتأثر بها مباشرة كالبورصة والبنوك ومعدلات الأسعار والتضخم، وهي أمور تتصدى الحكومة لعلاجها حتى لا تترك الشارع نهبًا للحيرة والخوف على مستقبله؛ وهو ما فطنت له الحكومة فعليًا وبادرت بتخصيص منصات كثيرة تتولى تفنيد تلك الشائعات والرد عليها بالحقائق.. وتلك مهمة مجتمعية لابد أن يتحمل الإعلام دوره في متابعة ما يجري وألا يترك الفرصة لتجار الشائعات والأخبار المغلوطة التي تروجها فضائيات أهل الشر ومواقعهم ومنصاتهم الإلكترونية ناهيك عما تضخه دول ومنظمات بعينها من ملايين الدولارات لشركات معينة لتشويه صورة مصر.
ينبغي أن يضطلع المواطن هو الآخر بدوره في تدقيق ما يصل إليه من شائعات أريد بها إغراقه في البلبلة؛ وهو إذ يفعل ذلك فإنه يطبق هدي الشرع الحكيم الذي حذر من الكذب وما يهدي إليه من فجور حتى يُكتب صاحبه عند الله كذابًا.. فإذا لم يستطع تمحيص تلك الشائعات فلا أقل من أن يمتنع عن ترديد ما لا يدرك حقيقته ويتأكد من صحته وعدم الخوض مع الخائضين فترديدها يزيدها انتشارًا ويساعد في ترسيخها.