المركزي يفاجئ الخبراء!
على عكس توقعات خبرائنا الاقتصاديين والمصرفيين وخبراء أجانب لم يرفع البنك المركزي المصرى أسعار الفائدة واختار تثبيتها.. هذه هى المرة الثالثة هذا العام التى يثبت فيها البنك المركزي أسعار الفائدة، منها مرة في عهد محافظه السابق، ومرتين في عهد محافظه الجديد إحداهما كانت بعد توليه مهام منصبه بيوم واحد، أى لم يكن مسئولا عنها بشكل كامل.
وقد يبدو ذلك للبعض أمرا مفاجئا لآن معدل التضخم مازال في حالة صعود لا يتوقع البنك المركزى أن يتوقف قبل منتصف العام المقبل، ورفع أسعار الفائدة هى الآلية الأساسية للسيطرة على التضخم التى يملكها المركزى.. لكنه فعل ذلك لأن رفع أسعار الفائدة يحمل الحكومة وموازنتها أعباء مالية ضخمة لأنه يزيد تكلفة اقتراضها من البنوك، وهى تعد المقترض الأول في ظل العجز في الموازنة..
التضخم وسعر الفائدة
والتنسيق الآن بين البنك المركزي والحكومة أفضل مما كان عليه الحال فى عهد محافظ البنك المركزى السابق الذى بادر برفع أسعار الفائدة مرتين ثم ثبتها مرة قبل أن يترك منصبه، وكان يعتبر أن رفع سعر الفائدة إجراء ضروريا لتعويض أصحاب الودائع في البنوك عن تآكل القيمة الحقيقية لأموالهم، وهو ما أفصح عنه صراحة في رسالته للأستاذ فاروق جويدة قبل أن يترك منصبه بأيام.
على كل حال فإن رفع سعر الفائدة الآن ليس سلاحا فاعلا الآن في حالتنا للسيطرة على التضخم لأن ما أشعل التضخم عندنا كان اشتعاله في العالم بارتفاع أسعار الطاقة ثم أسعار الغذاء، ولن يهدأ التضخم عندنا قبل أن يهدأ عالميا، وقبل أن يتوقف انخفاض الجنيه داخليا.. وبالتالى فإن تخفيض السيولة في السوق من خلال رفع أسعار الفائدة لا يكفى للسيطرة على هذا التضخم..
علما بأن البنك المركزى لجأ إلى آلية غير مباشرة لتخفيض السيولة بزيادة الاحتياطى التزاما الذى تحتفظ مع البنوك لديه من ١٤ في المائة إلى ١٨ في المائة.. وذات الأمر ينطبق على عودة تدفق الأموال الساخنة إلينا مجددا، فإن الدخول في سباق مع الفيدرالى الأمريكى لن يعيدها إلينا قريبا، حتى ولو كانت هناك توقعات من إحدى الجهات الدولية بذلك، فضلا عن إننا -كما قال وزير المالية- وعينا الدرس ولن نعتمد عليها مستقبلا حتى لا نعرض أنفسنا لمتاعب هجرتها السريعة من أسواقنا، والمتمثلة في شُح النقد الأجنبي وبالتالى زيادة الضغوط على الجنيه كما حدث ويحدث الآن.