إهانة المعلمين المحالين للمعاش حديثا
فوجئ المعلمون المحالون للمعاش خلال هذا الشهر بصدور قرار من الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة ينظم صرفهم للمقابل النقدي لرصيد الإجازات الاعتيادية، فبدلا من أن يحصلوا على مقابل نقدي كاملا عن فترة عملهم إلى 1/ 1/ 2017 فوجئوا بأنهم سيحصلون على رصيد الإجازات إلى 1/ 1/ 2007 ؛ أي تم حرمانهم من 10 سنوات كاملة استحقوا عنها رصيد إجازات، بينما زملاؤهم الذين سبقوهم للمعاش بأيام قليلة حصلوا على بدل نقدي عن تلك السنوات، على الرغم من أن مجمل ما يتحصل عليه المعلم عن ذلك قليل جدا بالنسبة لأي مهنة أو وظيفة أخرى بالدولة..
كما أن ذلك المعلم الذي أفنى زهرة شبابه في تعليم أبنائنا يستحق أن يكرم وليس يهان بأن يخصم منه رصيد إجازات لم يتحصل عليها رغبة في أداء رسالته بأكمل وجه، وعند الاستفسار عن سبب ما حدث قيل إن المعلمين يخضعون لقانون الكادر 155 لسنة 2007 وقد نصت المادة رقم 83 من القانون رقم 155 لسنة 2007م في فقرتها الأخيرة على أن: "وفي جميع الأحوال يجب أن يحصل المعلم على ثلثي إجازته الاعتيادية سنويًا على الأقل كما يجب تصفية رصيد الإجازات المتبقي قبل مرور ثلاث سنوات فإذا لم يحصل عليها لحاجة العمل التي تقدرها السلطة المختصة استحق المقابل النقدي عنها"..
وهذا يعني أن كل معلم تقاعد بعد صدور القانون رقم 155 لسنة 2007م يستحق المقابل النقدي لرصيد الاجازات الاعتيادية إذا لم يحصل عليها لحاجة العمل. أما من يحصل على الإجازات إلى 2017 فهم المخاطبون بقانون الخدمة المدنية كما جاء بالمادة رقم 49 من القانون رقم 81 لسنة 2016م قانون الخدمة المدنية، ويحصل الموظف علي المقابل النقدي لرصيد إجازاته الاعتيادية الذي تكون قبل 1-7-2017 م طبقا للكتاب الدوري رقم 9 لسنة 2016م.
كادر المعلمين
والمعلم غير مخاطب بقانون الخدمة المدنية يحصل على رصيد إجازاته الاعتيادية إلى 2007 وقت صدور قانون الكادر وليس وقت صدور قانون الخدمة المدنية. علما بأن ذلك القرار استثنى الأطباء والطواقم الطبية كلها من التنفيذ؛ أي يظل الأطباء يصرفون مقابل نقدي للإجازات الاعتيادية حتى 2017 رغم أنهم مخاطبين بكادر خاص مثل المعلم.
والسؤال الذي يثار هنا، إذا لماذا ظل المعلمون في السنوات السابقة يصرفون المقابل النقدي للإجازات إلى 2017 ؟ وهل أخطأ من كان يصرف لهم على هذا التاريخ؟ وهل يحاكم على ذلك؟ والإجابة على ذلك أنه لم يخطئ من أمر بصرف رصيد الإجازات للمعلمين حتى 2017 للأسباب التالية:
أولا: كما أن للمعلمين قانون كادر إلا أنهم مخاطبين في شأن الإجازات بقانون الخدمة المدنية، فطبقا لنص المادة (70) من القانون 155 لسنة 2007 تسري أحكام قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 78 فيما لم يرد بشأنه نص خاص في هذا الباب..
وحيث أن نص المادة الثانية من قانون الخدمة المدنية رقم 81 لسنة 2016 يلغي قانون نظام العاملين المدنيين الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 78 كما يلغي كل حكم يخالف احكام القانون المرفق، فبناء عليه يسري قانون الخدمة المدنية علي المعلمين فيما لم يرد به نص بالقانون 155 لسنة 2007 ويخضع المعلم لجميع ما يتعلق بالإجازات.
ثانيا: ما جاء نصا في فتوى الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع –وهي أعلى جهة قضائية تشريعية في مصر– بشأن اصحاب الكادرات الخاصة في حقهم في البدل النقدي للإجازات الاعتيادية، وهل يعاملون بقانون الخدمة المدنية أم بالكادر الخاص الذي هم عليه؟ وقد جاء في (الفتوى رقم 196 بتاريخ 18/ 3/ 2012- ملف رقم -86 - 3 - 1109) (مشار إلى هذه الفتاوى بمؤلف شرح قانون الخدمة المدنية، في ضوء الفقه وقضاء وإفتاء مجلس الدولة، المستشار/ محمد أحمد عبد الحميد، دار النهضة العربية، طبعة 2018)، ما يلي:
حساب رصيد الإجازات
حاصل الوقائع حسبما يبين من الأوراق - أن خلاف في الرأي ثار حول كيفية حساب رصيد الإجازات الاعتيادية للسادة أعضاء هيئة التدريس بكليات جامعة الأزهر (ولهم كادر خاص بهم مثل المعلمين)، فذهب رأي إلى وجوب حساب رصيد الإجازات الاعتيادية وفقًا لحكم المادة (65) من قانون العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 -وذلك قبل قانون الخدمة المدنية الحالي والذي ألغى ذلك القانون السابق فيما بعد- بينما ذهب الرأي الأخر إلى حساب الرصيد طبقًا للقرارين رقمي 84 لسنة 1994 و511 لسنة 2008 الصادرين من مجلس الجامعة في هذا الشأن أي وفق الكادر الخاص بهم.
واستظهرت الجمعية العمومية مما تقدم ووجدت أنه لا مناص من استدعاء أحكام قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة التي تعد الشريعة العامة للتوظف في هذا الصدد خاصة وأنها لا تتصادم ولا تتأبى مع هذه النصوص، ومن ثم فلا مناص من لزوم الرجوع في هذا الأمر للشريعة العامة وهو قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة في هذا الشأن وهو الأمر الذي يؤكده ما نص عليه في القانون رقم 219 لسنة 1991 والمعدل للمادة رقم (65) سالف الذكر على سريان أحكامه على العاملين بكادرات خاصة وذلك في مادته الثانية.
وبحيث إنه إذا قعد عضو هيئة التدريس باعتباره من أصحاب الكادرات الخاصة عن استعمال حقه في الحصول على الإجازات الاعتيادية المقررة له خلال الإطار الزمني المحدد له قانونًا ادخرته له الجامعة كرصيد يستحق عنه عند انتهاء خدمته مقابل نقدي والمنصوص عليه بالمادة (65) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة.
وترتيبًا على ما تقدم، وإذ ثبت أن المعروضة حالتاهما تم إحالتهما إلى المعاش، فإنهما يستحقان المقابل النقدي لرصيد إجازاتهما الاعتيادية على التفصيل الوارد بحكم المادة (65) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة المشار إليه وعلى ضوء حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 6 من مايو سنة 2000 في الدعوى رقم 2 لسنة 21 ق. دستورية إعمالًا لما استقر عليه إفتاء الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع في هذا الشأن.
لذلك: انتهت الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع إلى حساب رصيد الإجازات الاعتيادية للمعروضة حالتاهما وفقًا لحكم المادة رقم (65) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون 47 لسنة 1978.