السعر العادل والسعر الظالم للجنيه!
لا تتوقف التقديرات سواء التى تأتينا من الخارجون الداخل لما يسمى السعر العادل للجنيه.. وكل هذه التقديرات تجزم أن السعر العادل للجنيه أقل من سعره الحالى ولذلك علينا أن نسمح بتخفيضه أكثر مما خضناه من قبل! لكن ها هى أشهر مجلة اقتصادية متخصصة، هى مجلة الايكونوميست الشهيرة تفاجئنا بأن السعر الحالى للجنيه المصرى أعلى بكثير من سعره الحالى المنخفض، أى أن سعره الحالى ظالم لنا نحن عموم المصريين!
واستندت المجلة المتخصصة في تقديرها هذا المؤشر بيج ماك الذى يقيس القيمة العادلة للعملات أمام الدولار عن شهر يوليو الماضى، وهو المؤشر الذى يستند على نظرية تعادل القوة الشرائية للعملات، واختيرت شطيرة بيج ماك لانها تتضمن سلة من المواد الغذائية مثل الخضروات واللحوم والخبز.
وتقول المجلة ف تقريرها أن سعر شطيرة بيج ماك فى مصر يبلغ ٤٦ جنيها بينما سعرها في الولايات المتحدة يبلغ ٥،١٥ دولار.. وبالتالى استنتجت طبقا لهذا المؤشر أن القيمة العادلة للجنيه المصرى تبلغ نحو ٩ جنيهات مصرية فقط، وتحديدا ٨،٩٣ جنيها.. وبهذا المعنى فإن الوصول إلى السعر العادل للجنيه يقتضى طبقا لهذا المؤشر رفع سعر الجنيه تجاه العملات الاجنبيةَ خاصة الدولار، وليس تخفيضه كما يلح خبراء اقتصاديون فى ذلك منذ سنوات طويلة، ويزداد إلحاحها أكثر فى أوقات شُح النقد الاجنبى لدينا.
وبعيدا عن المؤشرات والتقديرات وإلاجتهادات المختلفة، فان مشكلتنا الاقتصادية الحقيقية ليست في سعر الجنيه.. فهذا أحد أعراض الأزمة التى تتمثل في أن مواردنا من النقد الاجنبى لا تكفي لتغطية احتياجاتنا من الخارج والوفاء بالتزاماتنا للخارج من أعباء الديون الخارجية، لإننا نستهلك أكثر مما ننتج ونستورد أكثر مما نصدر سلعا وخدمات.. ولن ينقذ الجنيه من التسعير الظالم والذى يخفض دوما من قيمته إلا علاج هذا الخلل الذى يلازمنا منذ عقود عديدة مضت..
والحل يكمن في أن نقوم بأمرين معا، من جانب نمد أرجلنا حاليا بما يسمح به طول اللحاف، ومن جانب أخر نعمل على إطالة اللحاف.. أى ترشيد وارداتنا من الخارج فورا وانتهاج سياسات تستهدف زيادة انتاجنا من السلع والخدمات التى نستطيع تصديرها إلى الخارج.. وأرجو أن ينشغل المؤتمر الاقتصادى الذى دعا إلى عقده الرئيس السيسي نهاية هذا الشهر بهذا الأمر.