رئيس التحرير
عصام كامل

الانفجار السكاني “القنبلة الرهيبة”.. ونواب بالشيوخ: تشريعات تجريم زواج القاصرات والتسرب من التعليم أفضل الحلول

الدكتور محمد جزر
الدكتور محمد جزر

اضطلع مجلس الشيوخ، برئاسة المستشار عبد الوهاب عبد الرازق، بدوره واختصاصاته المنوطة به فى الدستور، فى شأن مناقشة ما من شأنه دعم السلام الاجتماعى، والمقومات الأساسية للمجتمع وقيمه العليا، والحقوق والحريات والواجبات العامة، وتعميق النظام الديمقراطى وتوسيع مجالاته، بمناقشة واحدة من أهم القضايا التى تؤرق الشعب المصرى منذ فترة طويلة، لاسيما مع ندرة الموارد، وهى القضية السكانية.


هذه القضية التى وصفها البعض بأنها تأكل الأخضر واليابس، وتقضى على كل مقومات التنمية، خصوصا أن المعدلات بين الزيادة السكانية والتنمية لا تسير بوتيرة واحدة.


لجنة الشئون الصحية فى مجلس الشيوخ، برئاسة الدكتور محمد جزر، على مدار دور الانعقاد الثانى الماضى اهتمت بهذا الأمر من خلال مناقشة الدراسة المقدَّمة من النائبة سهير عبد السلام، بشأن مشكلة الزيادة السكانية فى مصر، والتى تم إحالة ما ورد فيها من توصيات إلى الحكومة لاتخاذ ما يلزم فى شأنها لمواجهة هذه القضية الخطرة.


وأشار الدكتور محمد جزر، إلى أن أهمية أن تضع الدولة ملف الزيادة السكانية على رأس الأولويات، وهناك بالفعل جهود كبيرة تتم فى هذا الصدد لتتماشى مع توجهات القضية السكانية للعمل على وضع الحلول اللازمة لها.


وأكد رئيس لجنة الصحة بمجلس الشيوخ، إلى أن أزمة القضية السكنية لا تقف عند الفكرة المبتورة عند البعض وهى "تحديد النسل"، لأن الأمر يتعلق بعدم التوازن ما بين الإنجاب والتنمية، وهو الأمر الذى يؤدى إلى وجود خلل، مستشهدا بدولة مثل الهند وهى ثالث اقتصاد عالمى، وعلى الرغم من ذلك ثلثى عدد سكانها يعيشون تحت خط الفقر بسبب الزيادة السكانية.


وتوقع النائب أن يصل عدد سكان مصر فى عام 2030 إلى 128 مليون نسمة، مؤكدا أن الزيادة السكانية ضمن أبرز مخاطر تهديد للأمن القومى المصرى.


هيئة مستقلة
وعن ما انتهت إليه الدراسة والتواصل مع الحكومة فى هذا الشأن، أشار إلى أن الدراسة توصلت لعدد من التوصيات بينها إنشاء هيئة مستقلة تتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال الفنى والمالى والإدارى، تكون تابعة لرئيس الجمهورية تحت مسمى "الهيئة القومية للسكان وتنمية الأسرة "، للتنسيق والتعامـل مـع مختلف الجهات المعنيـة فى مواجهة هذه الأزمة، على أن تحل هذه الهيئة مـحـل المجلس القومى للسكان، وغيرهـا مـن الجهات والكيانات الإدارية ذات الاختصاص فـى مجـال السـكان.


وأوضح أن إنشاء هذه الهيئة يكون من خلال مشروع قانون مقترح يتضمن تعريف الهيئة القومية للسكان وتحدد اختصاصات مجلسى الأمناء والإدارة بحيث لا يكون هناك تضارب أو ازدواجية، على أن يتم استيفاء احتياجاتهـا مـن الموارد البشرية اللازمة مـن العاملين بالوزارات والهيئات المختلفة القائمين بالعمل السكانى بالتنسيق مع كافة الوزارات المعنية بهذا الموضوع، على أن تكون قرارات الهيئة نهائية ونافذة على جميع الوزارات والهيئات العامة.


وأكد الدكتور محمد جزر، أن التوصيات تضمنت ضرورة تضافر الجهود بين كافة مؤسسات الدولة لمواجهة مشكلة البطالة المتزايدة من خلال توفير فرص عمل للشباب، والعمل على توفير خدمات الأسرة والتنظيم وكذلك دعم الصحة الإنجابية، مع الأخذ فى الاعتبار أهمية التوعية بمخاطر الزواج المبكر، وتأثيره المباشر على الزيادة السكانية.


وشدد رئيس لجنة الصحة بمجلس الشيوخ، على أهمية العمل على مواجهة الأمية والتسرب من التعليم، وتأثيره فى الزيادة السكانية، وكذلك تصحيح بعض المفاهيم الدينية فى شأن زيادة الإنجاب، لافتا إلى أنه تم الاستعانة برأى المؤسسات الدينية أثناء مناقشة الدراسة.
وفى هذا الصدد أكد أيضًا ياسر الهضيبى، عضو مجلس الشيوخ، أن الزيادة السكانية تلتهم كل جهود الدولة التى تسعى من خلالها لتحقيق النمو، مشيرا إلى أن وصول عدد سكان مصر بالداخل إلى 103 ملايين و750 ألف نسمة، بزيادة قدرها 750 ألف نسمة خلال 170 يوما فقط فى فبراير أمر يستوجب الوقوف والدراسة.


وحذر النائب من أن استمرار معدلات الزيادة السكانية بهذا الشكل تهدد بحدوث انفجار سكانى، موضحا أن مصر سجلت الربع مليون نسمة الأول بعد الـ 103 ملايين بالداخل فى يوم 24 أبريل الماضى، أي خلال 61 يوما، ليصبح عدد سكان مصر 103 ملايين و250 ألف نسمة، ثم ربع مليون نسمة ثانى يوم 22 يونيو 2022 أي خلال 59 يوما، ثم ربع مليون ثالث أخرة خلال 50 يوما.


وأوضح عضو مجلس الشيوخ، أن هناك أزمة وعى لدى المواطنين بمخاطر الزيادة السكانية، لذلك هناك استمرار مرتفع فى معدلات الإنجاب.


وأكد النائب أن تفعيل دور المجلس القومى للسكان واحدا من أهم مقترحات الحلول لمواجهة الأزمة السكانية، عن طريق تقديم رؤى وتصورات لمواجهة الأزمة التى أصبحت خطرا يهدد خطط التنمية التى تتبناها الدولة المصرية.


ودعا عضو مجلس الشيوخ، إلى ضرورة مشاركة القطاع الخاص من خلال الشركات ورجال الأعمال، وكذلك المجتمع المدنى من خلال تبنى عددا من المبادرات التى تسعى لتوعية المواطنين بمخاطر الزيادة السكانية وتأثيراتها السلبية على كافة قطاعات الدولة.
وبشأن وجود تشريعات خاصة بمواجهة الزيادة السكانية، أشار عضو مجلس الشيوخ، إلى أهمية العمل على تطبيق حوافز إيجابية لتشجيع الحد من الزيادة السكانية، وتعظيم خدمات الأسرة والطفولة والشباب، مع تعزيز الدور الإنتاجى للمرأة باعتبارها محور أساسى لترشيد دورها الإنجابى، بما يسهم فى مواجهة وتيرة الإنجاب المتسارعة.


ضبط النمو السكاني
وشدد الدكتور جمال أبو الفتوح، عضو مجلس الشيوخ، على ضرورة رسم السياسات والخطط الفعالة لضبط النمو السكانى ومواجهة التزايد غير المتوقف، حتى يتمكن المواطن من الشعور بالتغيير فيما تشهده الدولة من عمليات تطور كبيرة فى كافة المجالات، خصوصا أن الزيادة السكانية ما زالت تمثل الخطر الأكبر فى التهام ثمار التنمية والإنجازات التى تقوم بها الدولة والضغط على سوق العمل، بما يزيد من معدلات البطالة بين كافة فئات المجتمع المصرى.


وحول التشريعات الخاصة بمواجهة الزيادة السكانية، أوضح النائب أنه ليس بالضرورة أن يكون هناك تشريع يمنع عددا معينا من الأبناء، ولكن هناك تشريعات غير مباشرة تؤدى للحد من الزيادة المتسارعة فى السكان.


وأكد أن من بين هذه التشريعات تجريم زواج القاصرات، ومواجهة التسرب من التعليم، وتغليظ عقوبات عمالة الأطفال، مشيرا إلى أن مثل هذه التشريعات خطوة مهمة للحد من التزايد المضطرب للنمو السكانى.


وقال عضو مجلس الشيوخ: كل هذه التشريعات ترتبط بعوامل هى الأكثر ارتباطا بالزيادة السكانية وكل منهما مشتبك مع الآخر، لا سيما أن بعض الأسر تتعامل مع الطفل على أنه مصدر رزق ومن ثم توجيههم للعمل أو للزواج والاعتماد على عدد من الموروثات القبلية والمفاهيم الثقافية المغلوطة فى سياق "الولاد عزوة، والعيل بيجى برزقه".


وشدد النائب على أهمية التصدى لهذه الموروثات الخاطئة، خصوصا أنه من المتوقع أن يصل عدد المواليد هذا العام لـ2 مليون و185 ألف مولود جديد، قائلا: ضبط الإطار المؤسسى لملف السكان وحوكمته، أصبح ضرورة ملحة ولا مجال للرفاهية فى ذلك لمواجهة أزمة كبيرة تؤثر سلبيا على مسيرة الدولة التنموية.


وطالب النائب بمجلس الشيوخ، بضرورة العمل على بناء ثقافة الوعى داخل المجتمعات الريفية بجانب التشريعات التى تواجه كافة الأطراف المتورطة، وتحسين المنظومة التعليمية وتعريف الأسر بمكتسبات استمرار أبنائها فى التعليم بجانب توفير مرشد نفسى واجتماعى مختص فى كل مدرسة للتعامل مع المشكلات النفسية لدى الطفل ونشر الوعى من خلال استغلال المنصات التابعة بالقرى والنجوع للتعريف بمخاطر التسرب من التعليم وسبل مواجهة الزيادة السكانية.


وأكد أن الاعتماد على سياسة المنح أفضل من الاعتماد على المنع فى مواجهة أزمة الزيادة السكانية، مشددا على أهمية توسيع تمكين المرأة لتتمكن من تحسين أوضاع أسرتها والارتقاء بها فى كافة المجالات.

 

نقلًا عن العدد الورقي…،

الجريدة الرسمية