أنا آسف
الاعتذار ليس ضعفًا ولا استسلامًا بل هو من شيم الكبار والنبلاء وهو ضرورة لازمة لإشاعة التسامح والتعايش ورسول المودة والمحبة والتآزر، وهو رجوع لقيم الحق وتقدير الآخرين، وبه تمضي الحياة بلا منغصات ولا عداوات ولا أحقاد ولا ضغائن. إذا أخطأت في حق غيرك فبادره بقولك أنا آسف، وسوف تجد ما يسرك، ستجد في نفسه رضا، وعلى وجهه ابتسامة، وفي معاملته لينًا وتراحمًا.. ولن يقلل ذلك من شخصيتك أبدًا بل تضيف إليها قوة وحبًا لا يقدر بثمن.
إذا غابت ثقافة الاعتذار عن مجتمع فاعلم أن البديل هو الغرور والكبر والاستعلاء والتنافر والخصام؛ والكبر هو بطر الحق وغمط الناس.. يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم "لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر، فقال رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنـًا ونعله حسنـًا، فقال: إن الله جميل يحب الجمال، الكبر بَطَرُ الحقِّ وغمط الناس" (رواه مسلم).
البعض يعتقد خطأ أن الاعتذار عن الخطأ ضعف ووهن، ودليل انكسار وهزيمة ويتخوف أن يرميه البعض بالتراجع والاستسلام، وهذا اعتقاد خاطيء لا يليق بصاحبه إذا كان ممن لديهم ضمير؛ فالله تعالى لا يقبل توبة من عبده إلا إذا أقر بالذنب أولا ثم ندم عليه ثانيًا ثم عزم عزمًا أكيدًا صادقًا أنه لن يعود إليه مرة أخرى، وأخيرًا يرد الحقوق لأصحابها إذا ارتكب مظلمة في حق أخيه واستسمحه في ذلك..فهل يليق أن يضمن أحدنا بالاعتذار بعد كل ذلك؟!