رئيس التحرير
عصام كامل

نحن أخطأنا!

يفسر البعض إصرار البنك الفيدرالى الأمريكى على المضى قدما في سياسته النقدية القائمة على رفع الفائدة فيما تبقى من هذا العام والشهور الأولى من العام المقبل بأنه يحاول علاج الخطأ الذي وقع فيه من قبل حينما تصور أن التضخم الذى بدأت تتعرض له أمريكا العام الماضى هو أمر عارض ولن يستمر طويلا وبالتالى لا يحتاج تدخلا منه لوقفه أو كبح جماحه والسيطرة عليه.. وربما يكون ذلك صحيحا بالفعل لأن رئيس الفيدرالى الأمريكى جيرى باول اعترف فعلا بهذا الخطأ، وأكد أن البنك يعمل على تداركه بتصديه الحازم ل التضخم الآن. 


وهذا أمر يستحق التوقف أمامه.. فها هو أكبر بنك مركزى في العالم أو البنك المركزى للدولة صاحبة أكبر اقتصاد في العالم حتى الآن يعترف بأنه أخطأ في تقديراته وتوقعاته بخصوص أكبر مشكلة يواجهها العالم كله وليست أمريكا وحدها وهى مشكلة التضخم الذى انفلت عياره ويهاجم كل البشر الآن.. إذن الوقوع في الخطأ في إدارة الاقتصاد أمر وارد ومحتمل ويمكن أن يقع فيه خبراء كبار ودول كبرى أيضا، فلا عصمة لأحد من الوقوع في الخطأ حتى لو كان خبيرا اقتصاديا ولديه ما يكفيه من المعلومات ويشارك في إدارة أكبر اقتصاد في العالم كله، مثل جيرى باول رئيس الفيدرالى الامريكى الذى يتحكم  في إصدار عملة الاحتياط الأولى عالميا حتى الآن. 

 

 

غير أن الذكى هو من يدرك خطأه سريعا ويتدراكه ويعمل على تصحيحه بانتهاج سياسات جديدة وإتخاذ قرارات مختلفة.. أما عدم الإعتراف بالخطأ والمضى في ذات السياسات دون تبديل فهو لا يؤخر حل المشاكل فقط وإنما يزيدها حدة ويضاعف من تكلفة علاجها. 
وأظن أن علينا في مصر أن نعى ذلك ونتفهمه ونحن نتصدى الآن لمواجهة الأزمة الاقتصادية المزدوجة التى تواجهنا والمتمثلة في تضخم يهاجمنا بشراسة ونقص في مواردنا من النقد الأجنبي يدفعنا إلى تخفيض الجنيه والذى بدوره يزيد من حدة هذا التضخم.  

الجريدة الرسمية