رئيس التحرير
عصام كامل

أسئلة حول الاستشهاد في المسيحية (2)

نعود إلى سؤال ما هى مكانة الشهداء في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية؟ والإجابة: معروف أن مكانة الشهداء في الكنيسة عظيمة جدًا وهم في أعلى درجات الملكوت، فهم قبل القديسين والمعترفين والسواح والنساك والصديقين، ونجد هذا الترتيب في تسبحة الكنيسة وفي قراءة تحليل الكاهن في صلاة العشية وفي صلاة باكر في القداس الإلهى، وفي قراءات السنكسار والدفنار (سيرة القديسين). في صلواتنا اليومية. ونجد لهم أيقونات مقدسة وهذا تكريم من قبل الرب هنا في الكنيسة على الأرض وفي السماء أيضًا. 

 

وقد رأى القديس يوحنا الرائى بالروح مجد الشهداء وقال رأيت تحت المذبح نفوس الذين قتلوا من أجل كلمة الله والشهادة التى كانت عندهم.. وهنا نجد في هذه الرؤية إعلان (مجد الشهداء). فقد رأى يوحنا هؤلاء الشهداء تحت راية الصليب.. والمذبح هو الصليب، فنفوس هؤلاء الشهداء محفوظة عند الله، وهؤلاء يشتهون أن يلبسوا الأجساد الممجدة النوارنية وتيجان الأكليل في يوم الدينونة العظيمة لكي يسمعوا صوته القدوس في الملكوت الأبدى (صوت الفرح والتسبيح فى أورشليم السمائية).
 

وهنا نسأل: من هم الموجودين تحت الصليب في السماء؟ والإجابة هم المنتصرين والغالبين الذين إختاروا أن يحيوا تحت الصليب مع سيدهم ملك الملوك وسيد الأسياد ورب الأرباب الديان العادل والرحمن والرحيم.. لذلك نفهم أن المذبح هنا الصليب الذى يحمله كل مؤمن يريد أن يكون تحت راية الصليب ويقول لنا القديس بولس الرسول: “كل من أراد أن يصير تلميذًا للمسيح يجب عليه حمل هذا الصليب ويشترك مع المسيح في آلامه وقيامته ويكون شاهدًا له في كل مكان وفي كل زمان”.. وظل الصليب مخيما على الكنيسة منذ نشأتها وصار الصليب سمة لها على الأرض، لذلك نرى علامة الصليب هى علامة النصرة لمن يقدم نفسه للسيد المسيح له المجد.

الشهداء وشهوة الانتقام


والسؤال هل الشهداء يشعرون بنا وبمتاعبنا وهمومنا وأحزاننا في هذا العالم؟ والإجابة هم طبعا يشعرون بنا وبكل همومنا ومتاعبنا بمشاعرهم الروحية من خلال الشفاعة: كل الذين تحت المذبح يعانون مجد الله، ويظهر لهم المسيح ويكلمهم. والسؤال أيضا: لماذا صرخ الشهداء بصوت عظيم لله وهم تحت المذبح لكى ينتقم لدمائهم من الساكنين على الأرض؟! والإجابة: ليس المقصود هم أنفسهم، هم يقصدون السكان الذين هم على الأرض فى معاناه شديدة من الحروب الشيطانية والاضطهادات والضيقات المؤلمة التى لا تنتهى، ولكن بالثقة الكاملة فى الله "أبواب الجحيم لن تقوى عليهم". 

 

وهؤلاء الشهداء يطلبون من الله الديان العادل أن يرفع عنهم هذه المعاناة وأن يتمجد معهم وتظهر عجائبه للتعزية.. نعم أرواح الشهداء يعرفون كل ما يحدث معنا على الأرض، والكل يعلم بعين الرجاء والإيمان أنهم أحياء عند ربهم يتمتعون معه في الفردوس، وهم قد صاروا شفاعة لنا أمام الله على مر الأجيال والعصور.

 
السؤال: هل توجد شهوة الإنتقام في نفوس هؤلاء الشهداء العظام؟ والأجابة: بكل تأكيد (لا) بالقطع الدم الذكى وحده يصرخ مثل دم هابيل البار أمام الله.. الله القدوس له فكر غير فكرنا الأرضى، وله منظور غير منظورنا.. الله العادل في انتقامه يختلف تمامًا عن البشر، وهذا يفرض سؤال: كيف تقرأ هذه المناجاة التى تقترب إلى الصلاة على لسان الشهداء الأبرار قائلين "حتى متى ؟! أيها السيد القدوس والحق لا تقضى وتنتقم لدمائنا.. ( رؤ 10:6 )؟!
 

الإجابة: إن الله حين أراد أن ينتقم من ظلم شاول الطرسوسى للكنيسة ومن ظلم الرومان.. كان يقودهم للإيمان كما فعل مع اريانوس والى انصنا أشهر وأفظع شخص عذب المسيحين فى ذلك العصر.. الله ينتقم من فعل الشر والخطية بالتوبة والرجوع له.. الله فعل هكذا مع الأشرار المتوحشين بأن يؤمنوا، وبرجعوا بالتوبة والإقناع.. فرفضوا مشورة الله، فكانت العقوبة شديدة وصعبة جدًا.. وهذا ما حدث مع الأباطرة العشرة من الرومان من نيرون إلى دقلدونيوس الذين عذبوا المسيحين وكانت نهايتهم بشعة.. فالإنسان المؤمن التائب إلى الله يحول عقوبته للخلاص الأبدى.

 


أنظروا كيف يقودنا السيد المسيح له المجد لنلبس أكاليل المجد والكرامة السمائية! ماذا نستحق إذن، ونحن الذين لم نتساو بعد مع العشارين والخطاة، بل صرنا أقل منهم؟ كيف ننظر ملكوت الله؟ وكيف يمكن أن نضع أقدامنا على عتبة الملكوت، ونحن الذين أقل من الخطاة.. لاحظوا أيضًا أنه بينما كان يطالبنا بالوصية الجليلة عن محبة الأعداء.. كان يوضح أجر تحملنا للإذلال قائلًا "لكى تروا المسيح المخلص".. ولكى ترثوا الملكوت السماوى.. ولكى تصيروا أبناء أبيكم الذى فى السموات.

الجريدة الرسمية