التوقف عن الجرى وراء الفيدرالى الأمريكى!
حسنا فعل البنك المركزي أمس حينما قام بتثبيت سعر الفائدة للمرة الثانية على التوالى بعد رفعها هذا العام مرتين بمعدل ٣٠٠ نقطة.. فكما قلنا ونبّهنا من قبل هنا وفي أماكن أخرى فإن اللهاث وراء الفيدرالى الأمريكي في رفع سعر الفائدة لن يفيدنا بل سوف يضرنا.. لن يفيدنا لآن التضخم الذى نواجهه ونسعى للسيطرة عليه هو تضخم مستورد وبالتالى لا يجدى معه امتصاص السيولة في السوق الذى نستهدفه بزيادة أسعار الفائدةَ..
فضلا عن أنه لن يساعدنا في استعادة جذب الأموال الساخنة مجددا التى راهنا عليها في السنوات السابقة في جسر الفجوة التمويلية من النقد الأجنبي لآن هذه الأموال هجرت وحتى إشعار آخر كل البلاد صاحبة الاقتصادات الناشئةً، بل إننا أعلنا أننا لن تعمد عليها مستقبلا حتى وإن أتيحت لنا لآن وعينا، كما قال وزير المالية وعينا أخطأ الرهان والاعتماد عليها بعد خروج نحو ٢٠ مليار دولار في أسابيع قليلة، وهو ما آثر سلبا على احتياطياتنا من النقد الأجنبي وأدى إلى تخفيض الجنيه المصري بنسبة جاوزت ٢٠ في المائة في غضون الشهور الأخيرة.
وسوف يضرنا رفع سعر الفائدة لآنه سوف يحمل الموازنة العامة أعباء إضافية لخدمة الديون المحلية، وبالتالى سوف يزيد من عجزها، وهذا يؤدى إلى زيادة معدل التضخم بدلا من السيطرة عليه.. كما سوف يضرنا رفع سعر الفائدة لآنه يزيد من تكلفة الاستثمار وهذا قد يفضى بمرور الوقت إلى تباطوء في النمو أو الركود.. ولذلك كان قرارا صائبا تثبيت سعر الفائدة أمس للمرة الثانية على التوالى مادام ذلك ليس مجديا لمواجهة التضخم والسيطرة عليه ومادام ذلك أيضا سيلحق الضرر بِنَا من جانب آخر ويزيد بشكل غير مباشر من التضخم بدلا من زيادته.
وهنا سيكون علينا البحث عن آلية أخرى للسيطرة على التضخم الوارد لنا من الخارج.. وبديهيا ومنطقيا الآلية المناسبة للسيطرة على التضخم المستورد هو تخفيض ما نستورده من سلع طبقا لجدول أوليات نعده حول احتياجاتنا من السلع الأساسية والضرورية سواء التى نستهلكها مباشرة أو نستخدمها في إنتاجنا.