توقيت خروج طارق عامر!
توقيت الحدث مهم دومًا في فهم الحدث ومعرفة أسبابه.. أما حدث خروج طارق عامر من رئاسة البنك المركزي فإن توقيته يُستدعى التوقف أمامه.. فهو جاء بعد أيام قليلة من إجراء تعديل وزاري لم يشمل من وزراء المجموعة الوزارية الاقتصادية إلا وزير التجارة والصناعة.. وبعد أيام قليلة أيضًا من تولي السيدة زوجته وهي الوزيرة السابقةَ منصب في إحدى الشركات الاستثمارية.. ويأتي أيضًا بعد أيام قليلة من نفي البنك المركزي نبأ تردد حول تقديم طارق عامر استقالته من منصب محافظ البنك المركزي.. وكذلك بعد أيام قليلة فقط من إعلان نائب محافظ البنك المركزي من أن البنك لن يجري تخفيضات كبيرة على الجنيه المصري في وقت تحدثت فيه مؤسسات دولية عن أن القيمة الحقيقية للجنيه تقتضي تخفيضه بنسبة ١٠ في المائة.
سعر الفائدة
أما التوقيت الأبرز هنا لخروج طارق عامر من البنك المركزي إنه جاء قبل ساعات قليلة من قرار كان ينتظره السوق المصري من إدارته صباح غد حول سعر الفائدة، حيث ثارت تكهنات حول أنه سيقرر رفعًا جديدًا لسعر الفائدة تماشيًا مع قرار الفيدرالي الأمريكي برفع سعر الفائدة، بينما واجهت هذه التكهنات اعتراضات لأن نمضي في اللهاث وراء الفيدرالي الأمريكي في هذا الطريق الذي لن يجعلنا نستعيد الأموال الساخنة التي هجرتنا بينما سيكلف الخزانة العامة زيادة كبيرة في أعباء الديون.
وهكذا توقيت ترك طارق عامر منصب محافظ البنك المركزي في هذا التوقيت يشجع على استنتاج العديد من الأسباب المختلفة والمتنوعة التي دعت لحدوث ذلك.. ولو كان الإفصاح سائدًا ما كنّا احتجنا لكل هذه الاستنتاجات.. على كل حال لقد ترك طارق عامر منصبه كمحافظ للبنك المركزي ليتولى منصبه الجديد كمستشار لرئيس الجمهورية، وما يهم الناس الآن ماذا سيفعل البنك المركزي مع محافظه الجديد في العديد من الأمور.
مثل استكمال المفاوضات مع صندوق النقد الدولي.. وما هي السياسة التي سوف ينتهجها للسيطرة على التضخم، وتحديدًا ماذا سيقرر بالنسبة لسعر الفائدة التي قرر الفيدرالي الأمريكي الاستمرار في زيادته.. وكيف سوف يحافظ على احتياطيات النقد الأجنبي في حدود آمنة لديه.. وكيف أيضًا يدبر النقد الأجنبي اللازم لسداد أعباء الديون الخارجية من أقساط وفوائد.. وكذلك كيف سيدير سياسة سعر الصرف، هل بالتعليم الكامل أم بالتعويم المدار؟ فإن الإجابة عن كل هذه الأسئلة سوف يؤثر في مستوى معيشة كل المصريين.