الدواء المر.. دول عربية تضطر لحذو "الفيدرالي الأمريكي" رغم عبء الاقتراض على اقتصاداتها
كشفت مجلة "إيكونوميست" أن الكثير من البنوك المركزية العربية لم تكن راغبة في أن يحذو حذو الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي عندما رفع أسعار الفائدة في 27 يوليو الماضي بثلاثة أرباع النقطة المئوية.
وأشارت المجلة إلى مخاوف في بعض البلدان من أن يشكِّل ارتفاع تكلفة الاقتراض عبئًا غير ضروري على اقتصاداتها التي لا تعاني من فورة مفرطة في النشاط، بينما تخشى دول أخرى من أنها لكي تحافظ على تدفقات الاستثمارات الأجنبية سيكون عليها أن ترفع أسعار الفائدة إلى مستويات مؤلمة، الأمر الذي سيلحق الضرر باقتصاداتها ويضغط على موازناتها.
دول الخليج
ولفتت إلى أن خمسًا من دول مجلس التعاون الخليجي تربط عملاتها بالدولار، في حين تربط الكويت عملتها بسلة عملات، منوهة إلى أن الربط بالدولار يساعد في توفير الاستقرار لأن معظم دخل الحكومات والنشاط الاقتصادي مرتبط بسعر النفط الذي يتم تداوله بالدولار عادة، ولكن لكي تحافظ على الربط يتعين على هذه البلدان أن تقتفي أثر قرارات الاحتياطي الفيديرالي المتعلقة بأسعار الفائدة، بصرف النظر عن الظروف الاقتصادية المحلية.
وأشارت “إيكونوميست” إلى أنه منذ بداية العام الجاري رفعت السعودية سعر الفائدة من 1 في المئة الى 3 في المئة، بينما رفعته الإمارات بأكثر من الضعف إلى 3.75 في المئة، مبينة أنه إذا ما رفع «الفيديرالي» الفائدة مرة أخرى في وقت لاحق من العام كما هو متوقع فإن معظم دول الخليج ستجاريه على الأقل جزئيًا.
وأوضحت أن دول المنطقة ستفعل ذلك بالرغم من التضخم المعتدل الذي تشهده، والذي يتوقع له صندوق النقد الدولي أن يبلغ هذا العام 2.5 في المئة بالسعودية و3.7 في المئة بالإمارات، مرجعة هذا التضخم المعتدل إلى أن دعم أسعار الطاقة واليد العاملة الأجنبية الرخيصة يُبقيان الأسعار منخفضة مقارنة بالدول الأخرى، إضافة إلى معدل نمو جيد بين 3 و4 في المئة.
وأضافت المجلة أن فيض الأموال من أسعار النفط يعني أن الحكومات ليست بحاجة إلى الاقتراض كثيرًا خلال العام الجاري، منوهة إلى أن المستهلكين قد يرجئون شراء سيارات جديدة أو سلع باهظة الثمن لكن سوق العقارات ستكون أقل تأثرًا.
قروض عقارية
وأفادت بأن الرهن العقاري أقل انتشارًا في دول مجلس التعان الخليجي مما هو عليه في بلدان أخرى، فيما شهد الوسطاء العقاريون فيضًا من طلبات القروض في النصف الأول من العام الجاري مع اندفاع المقترضين إلى استباق زيادات أخرى في أسعار الفائدة.
وترى «إيكونوميست» أن قطاع الأعمال قد يكون الأشد تأثرًا، مشيرة إلى ما ذكره البنك المركزي الإماراتي بأن الطلب على الائتمان في الإمارات بالربع الأول من 2022 كان الأعلى منذ عام 2014، لكنه بدأ بالتراجع، في حين أنه وفقًا لبنك الإمارات دبي الوطني طرأ انخفاض طفيف على نمو الائتمان في السعودية مسجلًا أدنى مستوى له منذ نحو عامين.
مستوردو النفط ليسوا محظوظين
أشارت «إيكونوميست» إلى أن مستوردي النفط في المنطقة لن يكونوا محظوظين، ضاربة مثالًا بمصر التي لم ترفع معدلات الفائدة منذ 2017 حتى مارس الماضي إذ رفعته مرتين كانت إحداهما في مايو عندما رفعته بحدة بواقع نقطتين مئويتين، مشيرة إلى أن البنك المركزي المصري برر ذلك بمعدل التضخم الذي يزيد على 13 في المئة.
وحسب «إيكونوميست» فإن مكافحة التضخم ليست الهاجس الوحيد لـ«المركزي» المصري، إذ اعتمدت مصر منذ صفقة قروض صندوق النقد الدولي بـ12 مليار دولار عام 2016 على تدفقات رؤوس الأموال الخاصة لتمويل وارداتها الضخمة وعجزها المالي، وكان المستثمرون سعداء بتلبية تلك الحاجة، فالديون المصرية قدمت لهم عائدات مرتفعة جدًا، لكن مع ارتفاع أسعار الفائدة في دول أخرى تجد مصر نفسها في مواجهة منافسة شديدة.
ونوهت إلى أن مصر أقرت في مايو الماضي بأن 20 مليار دولار من الرساميل الأجنبية (ما يعادل 5 في المئة من إجمالي الناتج المحلي) خرجت من سوق الديون المحلية هذا العام، وهذا يعني حسب وكالة فيتش للتصنيف الائتمان، أن مصر ستواجه ضغوطًا للمحافظة على جاذبية أسعار الفائدة المصرية، عن طريق رفعها.
وترى المجلة أن هذا سيكون مؤلمًا للقطاع الخاص، خصوصًا وأن المستثمرين المحليين أودعوا أموالهم في البنوك بدلًا من استثمارها في الأعمال.