الإعلام رسالة نبيلة.. كفى زعيق وجعير وأكل!
صحيح أن التكنولوجيا الجديدة خلقت أوضاعاً مغايرة جعلت الإعلام بأنواعه ليس خالصاً لأهل التخصص من خريجي الإعلام ولا حكرا عليه شأن التخصصات الأخرى؛ إذ باتت مواقع التواصل الاجتماعي منصة سريعة ومطية جاهزة لمن يريد أن يمتهن العمل الإعلامي.. ويبقى الحكم للجمهور الذي هو قادر بلا شك على فلترة المضامين الإعلامية وانتقاء أصلحها.
الإعلام تحول إلى سوق كبير مفتوح وصناعة ذات استثمارات ضخمة وساحة للتأثير والاستقطاب؛ وهو ما يضاعف الحاجة لوضع ضوابط وقواعد وأصول أكثر دينامية وتربية و أخلاق حاكمة للممارسة المهنية؛ ولا مناص من إعادة التأكيد على أن الإعلام ليس سلعة هدفها الربح، ولا مهنة من لا مهنة له؛ حتى يتزاحم عليها دخلاء بلا موهبة ولا علم وربما بلا أخلاق ولا ذمة ولا مؤهلات حقيقية إلا النفاق وتشبيك العلاقات والمصالح الخاصة..
ولا يجد المرء عناء كبيراً لتحديد مثل هذه النوعية من مقدمي برامج تليفزيونية يفتقرون لأدنى مقومات الجدارة والنجاح فلا جاذبية ولا تأثير ولا شعبية، وأقصى ما يملكون هو الزعيق والجعير والسب والشتم واللت والعجن وانتهاك الخصوصيات والخروج على الناس ببدعة الأكل بشراهة أثناء البرامج وهو ما ينطوي على استفزاز ممجوج لمجتمع يمر بظروف اقتصادية صعبة.
تداعيات عشوائية الإعلام كبيرة وغاية في الخطورة؛ ذلك أنها عبث مرفوض لا تقف آثاره السلبية فقط عند حدود إضعاف إعلامنا وسحب البساط من تحت قدميه وإفقاده المصداقية والقدرة على التأثير بل تتعداه إلى تشويه الوعي وتسفيه القيم ونبذ الحقائق وإزهاق روح المصداقية.
وليت دخلاء الإعلام والصحافة يدركون خطورة ما يفعلونه حتى على أنفسهم؛ ذلك أن الأضواء بقدر ما تقربهم للشهرة والنجومية وذيوع الصيت، بقدر ما يمكن أن تحرقهم إذا لم يكونوا مؤهلين للتعامل معها ، وقادرين على تحاشي آثارها السلبية.