رئيس التحرير
عصام كامل

التربية قبل التعليم

قيل إن والدة الإمام مالك بن أنس أوصته عندما أرسلته ليتعلم عند ربيعة الرأي‮ ‬قائلة: ‬تعلم من أدبه قبل علمه‮. و‬عندما أطلِقت على الوزارة القائمة على التعليم وزارة التربية والتعليم، لم يطلق هذا الاسم بهذا الترتيب عبثًا، ولكن لأهمية التربية التي تعد أساس الأخلاق الرفيعة، فلا تعليم دون تربية ولكن ذلك يستلزم أولا وجود المدرسة المتكاملة لتجذب الأولاد الذين كانوا يرفعون شعار لا مدارس بعد مارس، والآن لا مدارس طالما هناك مراكز الدروس الخصوصية، وقد صدمت الحائزة على المركز الأول في الثانوية العامة هذا العام الجميع بأنها ابنة تلك المراكز ولم تكن تذهب إلى مدرستها ذلك لآن كل كل شيء متاح شكلا غائب مضمونا وهدفا.


فمعظم طالبات وطلاب الثانوية العامة تقدموا للامتحانات من منازلهم، وليس من المدارس، وحصلوا على دروسهم في مراكز الدروس الخصوصية وليس في المدارس الرسمية، وأصبح دور المدرسة يقتصر على جمع مصاريف الاستمارات من الطلبة فقط، والكثير من المدارس الخاصة لا يوجد بها فصول للثانوية عامة لآن الاعتماد كليا على الدروس الخصوصية..

إستنزاف الأسر الفقيرة

 

نحن فى مأساة تعليمية كاملة متكاملة تبدأ مع الثانوية العامة بكل ما فيها من تعب وتوتر وقلق ودروس ومصاريف لا تنتهى إلى أن تظهر النتيجة وتبدأ معاناة جديدة مع التنسيق والبحث عن كلية ليدخل أولياء الأمور في حلقة جديدة من الاستنزاف تسمى مصاريف الجامعات الخاصة والأهلية، لآن الجامعات الحكومية أصبح الحد الأدنى للقبول بها فوق الـ 90%، والفرق بين تنسيق الجامعات الحكومية والخاصة ١٠٪؜، فتدخل الأسرة في صراع كيفية تدبير مصاريف هذه الكليات التى تبدأ من 30 ألف جنيه لتصل إلى نحو 200 ألف جنيه، لكليات ما يطلق عليها القمة، ورغم كل هذه المصاريف المبالغ فيها لا توجد فيهم جامعة واحدة ذات ترتيب عالمى. 

 

وهكذا أصبح التعليم حلقة من حلقات الاستنزاف وتدمير الأسر الفقيرة والمحدودة الدخل، ولذا أصبح التعليم سبوبة كبيرة وما نراه الآن -بصراحة شديدة- هو أن الوزارة تتحرك وحدها في وادي تطوير التعليم، أما المديريات والإدارات والمدارس يتحركون وحدهم في وادي ثاني نتيجة لاستمرار عناصر الفساد وأصحاب مصالح النظام القديم في أماكنهم، بينما يتحرك الأهالي والطلاب في وادي ثالث هو وادي يقوده بعبع الدرجات والنجاح والشهادة فقط بغض النظر عن التعلم.

 

وفي ظني أنه لا تطوير في المناهج بدون تربية للنفوس، نريد مناهج تشمل على تطوير التعليم، منهج  يربي الإنسان علي معنى المواطنة ويعني لا فرق بين ولد وبنت وراجل وست ومسلم ومسيحي أو غير مسلم، نريد مواطنين أسوياء لا يذبخ أحدهم الآخر لمجرد رفض حبه أو صداقته وفي ظني أيضا إن هذا لن يتحقق إلا عندما تعود حصص الموسيقي وحصص الرياضة البدنية ومسابقات المكتبة واختبارات الطالب المثالي.

 

 

وعندما نعلق علي جدران المدرسة صور فوتوغرافية للوحات عالمية لفان جوخ ومحمود سعيد ونضع صور أم كلثوم وعبد الوهاب ونحيب محفوظ وتوفيق الحكيم والسادات والخطيب ومجدي يعقوب وعثمان أحمد عثمان ومحمد صلاح وطه حسين والدكتور أحمد الطيب والشيخ الشعراوي والبابا شنودة ونحكي تاريخ هؤلاء العظماء، وعندما نحكي لهم إن أحمد رامي والقصبجي أحبوا أم كلثوم وهي لم تبادلهم الحب، وظل أحمد رامي يكتب لها، بل وكتب أجمل كلمات الحب وظلت صورتها في حجرته حتي وفاته، وزوجته تعلم أنه لم يتوقف لحظة عن حبها حتي مات ولم يستل سكينة لكن حول حبه لفن وجمال نسعد به، ونحن نستمع لهجرتك ورق الحبيب وغيرها، حتي كامل الشناوي عندما خانته نجاة كتب قصيدة لا تكذبي وهي غنتها!

الجريدة الرسمية