القمة الحقيقية
رغم تخرجي من الثانوية العامة منذ ستة أعوام تقريبًا، إلا أني مازلت أخاف كلما سمعت أن النتيجة اقتربت من الإعلان، وكأنها نتيجتي أنا وليست نتيجة الدفعة الحالية، وأظل في توتر وقلق حتى تظهر وأتأكد بأنني لست من الذين ظهرت نتيجتهم هذا العام الحمد لله. ولكني مازلت أعرف أن السبب الحقيقي الذي يجعلني متوترًا رغم مرور كل تلك السنين، هو نفسه ذات السبب الذي يجعل الطلبة في كل عام يخشون من ظهور نتيجة الثانوية العامة وكأنه أسد جائر يفترس كل شخص دون رحمة ودون أي شفقة من أي نوع.
والسبب الحقيقي هو أن في كثير من الأحيان يضع الأهالي الأبناء تحت ضغط عظيم وقوي اسمه المستقبل، فنحن فقط من نفكر بأن هناك كليات قمة ومرموقة، وهناك كليات أخرى يطلق عليها كليات الشعب وهناك فئة أخرى يطلق عليها كليات ملهاش مستقبل.
وتلك هي الغلطة الكبرى التي يقع فيها الأهالي ويصدقها الأبناء فيعيشون تحت توتر وضغط، حتى وإن حصلوا على الدرجة النهائية تقريبًا يتطلب الأمر منهم الخضوع للعلاج النفسي من الاكتئاب والضغط الذي وقع عليهم لمدة عام كامل تقريبًا ما بين دروس ومراجعات ومذاكرة واضطراب في الغذاء والراحة والنوم.
فتجد أن طالب في كلية قمة -من الذي يطلق عليهم هذا اللفظ- ولكن مصاب بالتوتر والقلق والضغط طوال الوقت، حتى في الكلية يظل تحت هذا الضغط حتى يكون مناسبًا للمكان الذي هو فيه الآن.
ولكن كل هذا يتغير عندما ندرك أن هناك قمة لكل مجتهد ناجح، لأن الذي نتعلمه في الكليات سواء كانت نظرية أو علمية لا يشكل تقريبًا أربعين بالمائة من الذي نواجهه في سوق العمل الواقعي وفي الحياة عمومًا.
فلا داعي للقلق أو العيش تحت ضغط وترقب حتى لا يقال عليك أنك أقل من أقاربك أو معارف عائلتك، لكن إبدأ وابحث جيدًا حتى تصنع لنفسك القمة التي تليق بك، فأنت كل المطلوب منك أن تثمر حيثما يضعك الله، والله الذي كتب لك خطة حياتك كتب فيها أيضًا النجاح إذا سعيت.
Twitter: @PaulaWagih