طوبى للرحماء
من التطويبات التي قالها السيد المسيح -له كل المجد والكرامة والسجود- على الجبل، هي "طُوبَى لِلرُّحَمَاءِ، لأَنَّهُمْ يُرْحَمُونَ"، والرحمة لها أشكال كثيرة، ولكن يعتبر أجملها وتعتبرمن العادات الشعبية المميزة لشعبنا المصري، هي رحمة الإطعام والإحسان لسد جوع الغير بمحبة ورحمة لا تكون نابعة من الشخص بل تكون وزنة -أي هبة- من الله للإنسان في قلبه.
فأنا عندما أرى أي مبادرة إطعام أفرح كمثل مبادرة أصدقائي شاما منصور وهيثم الخميسي، وتزداد فرحتي عندما يقدمون في المبادرة أفضل شيء، كأنهم يقدم لضيوفهم أو لأهل بيتهم، وذلك هو المفهوم الأهم والأجمل، أنك في لحظة عطائك، لا تمنح الإنسان، ولكن كنت أنت وسيلة في يد الله ليعطيه، والله لا يعطي إلا الخير وأفضل شيء.
بل أيضًا نجد أن الكتاب المقدس يخبرنا أن كل ما نقدمه من خير للناس لا نقدمه للناس فقط، بل نقدمه لله الذي ليس بحاجة لنا بل وهو الذي يعطي الكل ويفيض بخيره على الكل إذ نجد في بشارة معلمنا متى الكتاب يقول: "بِمَا أَنَّكُمْ فَعَلْتُمُوهُ بِأَحَدِ إِخْوَتِي هؤُلاَءِ الأَصَاغِرِ، فَبِي فَعَلْتُمْ".
فقبل أن تقدم خير ليحسب لك عمل رحمة، تذكر أنه ليس بكم الأشياء التي ستقدمها للناس أو لله أولًا، ولكن بالقلب وحتى إن كان ليس لديك سوى فلسين كالمرأة التي قدمت فقط فلسين عندما كان يتبارز الأغنياء برمي النحاس والأموال ليسمعوا امتداح الناس لهم، ولكن المسيح حينما فتح فاه، فتح فاه ليمتدح المرأة التي قدمت من أعوازها ولم تلقي من فضلاتها كما كان يلقون.
Twitter: @PaulaWagih