سنوات كثيرة!
سألتني جودى حفيدتى الصغيرة كم تبلغ من العمر يا جدو.. وعندما قلت لها ٧٥ عاما علقت بعفوية قائلة: إنها سنوات كثيرة! وهى بالفعل سنوات كثيرة ليس عددا فقط وإنما بما حفلت به من أحداث كبيرة ضخمة.. فقد شهدت مصر خلالها أربعة حروب.. حرب ٤٨، وحرب السويس عام ٥٦، وحرب يونيو ٦٧، أيضا حرب أكتوبر ٧٣.. كما شهدت هذه السنوات الكثيرة أفول الامبراطورية البريطانية بعد حرب السويس وصعود نجم الولايات المتحدة ويقابلها الاتحاد السوفيتى، ومؤخرا بدأت تشهد تراجع قوة أمريكا التى احتكرت قيادة النظام العالمى بعد انتهاء الحرب الباردة وتفكك الاتحاد السوفيتي، وهو ما يعتبره مخاضا لنظام عالمى جديد متعدد الاقطاب!
كذلك شهدت هذه السنوات الكثيرة نهاية للملكية فى البلاد وإعلان الجمهورية التى تعاقب على رئاستها حتى الان ستة رؤساء مع رئيس مؤقت.. وخلال هذه السنوات ألغيت الأحزاب فى البلاد ثم عادت مجددا حتى صار لدينا ما يزيد على المائة حزب لا يوجد بينها حزب واحدة فاعل ومؤثر له جمهوره الكبير.
أما اقتصاديا فقد تقلبت احوالنا الاقتصادية كثيرا خلال هذه السنوات الكثيرة وتبدلت كثيرا سياساتنا الاقتصادية، ورغم تحقيق معدلات نمو مرتفعة فى بعض الفترات لكن ظلت البلاد تعانى من الضغوط الاقتصادية التى وصلت ذروتها في السبعينات ثم الثمانينات من القرن الماضى وبداية العقد الثانى من القرن الحالى، ثم بداية العقد الثالث له أيضا، وظلت مشاكلنا الاقتصادية التى نعانى منها كما هى لم نجد حلولا جذرية لها، وبالتالى ظل اعتمادنا على الخارج!
وبالنسبة لى شخصيا كان الأغلب الأعم من هذه السنوات، سنوات قتال صحفى لى فى بلاط صاحبة الجلالة التى أبعدت عنها قسرا بعد انتفاضة يناير ٧٧ حتى فبراير٨٦.. وقد راكم لى ذلك احتراما حتى من قبل الكارهين.. وهكذا هى سنوات كثيرة فعلا لأنها كانت حافلة بالكثير من الأحداث العامة والشخصية ذات الطبيعة الدرامية!
