رئيس التحرير
عصام كامل

برامج مقصوفة العمر

الطريقة التقليدية لتأسيس قناة فضائية مصرية لم تتغير.. برنامج رئيسي توك شو يعرض في المساء، تنفق عليه إدارة القناة أكثر من نصف الميزانية المخصصة للبرامج، وبرنامج صباحي خفيف، وما بين البرنامجين مجموعة من البرامج الصغيرة التي تتنوع ما بين الديني والمرأة والمطبخ، وأخرى للحشو والمجاملات الخاصة بأصحاب القنوات، هذه هي الخريطة البرامجية منذ ظهور القنوات الخاصة وحتى الآن.. 

 

الإضافة الوحيدة في السنوات الأخيرة والتي ظهرت مع كثرة القنوات.. تمثلت في تلك البرامج المباعة ومنها الإقتصادية والطبية التي حققت مئات الملايين للمتاجرين فيها، وحققت لأنصاف الأطباء وتجار الأعشاب شهرة كانوا يبحثون عنها، كل هذه البرامج المباعة وغير المباعة كان إستمرارها مرهون بقوة البرنامج المسائي، وجماهيرية القناة نفسها كانت هي الأخرى مرهونة بقوة هذا البرنامج.

القنوات المصرية والعالمية


لا عيب في ذلك.. خصوصًا أن هذه الطريقة في وضع الخريطة البرامجية حققت المطلوب لأصحاب القنوات الخاصة وللجمهور. لكن العيب هو الإستهانة بالبرامج الرئيسية التي تم الإنفاق عليها ببذخ لتصبح علامات بارزة في الإعلام المصري، هذه البرامج تقصف أعمارها بقرارات غير مدروسة، لتختفي فجأة من الشاشة، ومعها تقصف أعمار كل البرامج التي إرتهن إستمرارها بإستمرار ونجاح تلك البرامج الرئيسية، وهناك قنوات لم يتوقف العبث بها عند قصف عمر أشهر برامجها.. بل إمتد العبث لقصف عمر القناة نفسها، وما لا يقصف عمره.. يتحول إلى رقم في قائمة برامج جميعها منزوع التأثير.


في القنوات العالمية برامج عمرها أكثر من نصف قرن، يتغير المذيعون، ولا يتغير الديكور والإضاءة إلا نادرًا، لكن لا إسم البرنامج ولا موعد إذاعته يطالهما أدنى تغيير، لأن المشاهد إرتبط بهما، ولا تستطيع الإدارات المتعاقبة العبث بأي منهما حتى لا تخسر الجماهيرية التي حققها البرنامج، وبرنامج ( ٦٠ دقيقة) الذي تعرضه قناة cBs الأمريكية نموذجًا لهذه النوعية من البرامج، وتراكم النجاحات التي حققها جعلته قبلة لمن يريد أن يخاطب العالم سواء كان رئيسًا أو مرؤوسًا.


لا أعرف سببًا لإختفاء برنامج حديث المدينة الذي قدمه الأستاذ مفيد فوزي لسنوات طويلة، من قصف عمر هذا البرنامج ومقدمه ما زال حيًا يطل علينا بين الحين والآخر ضيفًا في بعض البرامج؟ من قصف عمر برنامج البيت بيتك الذي عرضه التليفزيون المصري لسنوات، وحقق نجاحًا كبيرًا؟ إذا كانت الأزمة في مذيعيه.. فبرنامج بهذا النجاح مثل القطار.. يتناوب على قيادته الكثيرين، لكنه لا يتوقف. وأين برنامج العاشرة مساءً الذي إلتف حوله الملايين؟ من قصف عمره؟ ومن قصف عمر قناة دريم؟ 

 


البرامج الكبيرة لا تتوقف حتى لو توقف مذيعوها، ولا تتغير أسماؤها حتى لو تغيرت الأنظمة، وقد أدرك ذلك القائمون على القنوات العربية، لذلك وجدنا فيها برامج عمرها من عمرالقنوات.. نحن لا نجيد إستثمار نجاحات البرامج، لكننا نجيد قصف أعمارها عمدًا، مدفوعين بالفهلوة وتحديات تحكمها الأهواء.. وإذا كنا غير ذلك فاذكروا لي إسم برنامج حقق نجاحًا حققته البرامج التي قصفت أعمارها، أغلب البرامج الموجودة مرتبطة بأسماء مقدميها، فإذا ذكرت إسم البرنامج دون مقدمه لن يعرفه أحد.

besheerhassan7@gnail.com

الجريدة الرسمية