رئيس التحرير
عصام كامل

أعظم عند الله من تكرار الحج والعمرة!

حسنًا فعلت أجهزة الدولة حين ألغت الحج على نفقة الدولة بأي صورة ولأي جهة حكومية.. فثمة حاجة شديدة للتقشف والتزام الأوليات الواجبة.. ألا يعلم هؤلاء أن الإنفاق على المحتاجين أولى عند الله وأفضل.. فما جاع فقير إلا ببخل غني.. وإذا كان الله في عليائه قد شكر رجلًا سقى كلبًا كان يلعق الثرى من شدة العطش فكيف بمن يعالج مريضًا يتلوى من شدة المرض.. أليس أجر من ينفقون أموالهم في علاج مرضى السرطان أو مرضى القلوب أو بناء مستوصفٍ أو ملجأ أيتام أعظم عند الله تعالى من تكرار الحج والعمرة.

دور رأس المال


لقد تعلمنا من علماء الدين أن قضاء حوائج الناس أولى من النافلة، وهو فرض كفاية إذا أداه البعض سقط عن البقية، ولا يكف العلماء عن دعوة رجال الأعمال والميسورين لمد يد العون للفقراء والمعدمين في ظروف اقتصادية صعبة يمر بها عالمنا، وفي القلب منه مصرنا الحبيبة.. وحيث إن الأمة لا تملك كامل قوتها ولا تنتج دواءها ولا وسائل أمنها كله من سلاح وعتاد، ولا كامل غذائها فأولى بأبنائها أن يسارعوا لسد هذه الفجوة قبل التفكير في تكرار الحج والعمرة.. 

 

وثمة طرق عديدة للإسهام في ذلك كتبني طلاب العلم النابهين وتبني الأفكار الخلاقة حتى تصير منتجًا يغني ويمنح لبلادنا قوة مضافة وهل هناك أقوى من سلاح العلم.. أو يسارعوا بقضاء حوائج الناس بحسبانها صدقة جارية تضيف لرصيدهم في الآخرة وتحقق السلام الاجتماعي بين البشر وتنشر الاستقرار في ربوع الوطن.. أو يسارعوا للإسهام في بناء مدرسة أو مشفى أو شق طريق ييسر للناس حياتهم..

 

وهنا يتجلى الدور الاجتماعي لرأس المال والدور الوطنى للأغنياء في خدمة وطنهم والوفاء بحق النعمة التي منحها الله لهم؛ فشكر المال يكون بإنفاقه في وجوه الخير والبر وقضاء الحوائج.
وليت الرؤية الفقهية تتسع لتجعل همها مصلحة الناس؛ فأينما توجد المصلحة العامة فثم شرع الله، وليت بعض المتصدرين للعمل الدعوى والمنتسبين إليه لا يقفون عند فقه الأحكام على سبيل التلقين أو التلقي دون تعمق أو إدراك لفقه المقاصد والأولويات والواقع والمتاح مما يجعل الغاية الأسمى لمقاصد التشريع غير واضحة لدى هؤلاء ويجعلهم منفصلين عن حاضرهم والظروف المحيطة بهم وواقع عالمهم الذي يعيشون فيه. 

 


فإذا كان المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف فإن تطوير المعرفة وتكريس العلم أولى درجات هذه القوة لمساعدة الناس على حل مشكلاتهم وهو من درجات البر وقضاء الحوائج سواء بالمال أو النفوذ والجاه وقد جعل الله تعالى مناط الخيرية في تحقيق النفع للناس؛ فخير الناس أنفعهم للناس. ومن رحمة الله أن جعل الحج مرة واحدة في العمر، وبأدائه تسقط الفريضة عن المكلف بها. 

الجريدة الرسمية