الحوار الوطني في ميزان الإصلاح الشامل (2)
يتواصل الاهتمام بالحوار الوطني في ضوء نوايا يراها الداعون إلى الحوار أقرب إلى الإصلاح منها إلي أي نوايا أخرى، وقد تناولنا في مقال سابق لهذا المقال ملف الإعلام ضمن أطروحة متواضعة بشأن أهمية الحوار الوطني في ضوء النتائج المرتقبة له، وما زلنا نواصل طرح ما يتطلبه ذلك الحوار من ملفات.
مراجعة شاملة
يعد الملف السياسي الأكثر حساسية في ذلك الحوار، بكل مضامينه والتي يتصدرها الملف الحقوقي ودور المجتمع المدني، بعد أن تجاوزت مصر فترة صعبة واستطاعت تحييد خطر الإرهاب ومحاولات الجماعات الإرهابية المارقة الخلط بين الإرهاب والسياسة بدعم إعلامي من الخارج.. أما وقد نجحت الدولة المصرية في فرض الأمن والاستقرار؛ بات طرح الملف الحقوقي على أرضية قوية خصوصا مع الحاجة إلى إعادة تصحيح المفاهيم المتعلقة به.
يتطلب الملف الحقوقي تحديدا واضحا للمفاهيم وعدم الخلط بين القدرة على توفير المطالب الحياتية اليومية للمواطن وضرورات حياته وبين حقوق الإنسان، ومن حق صانع القرار أن يتعامل بحساسية مع الفهم الخاطئ لدى البعض لمفهوم التظاهر فطالما ذاقت البلاد الأمرين من عمليات التخريب التي ارتبطت بالتظاهر وتحويل المظاهرات إلى أعمال تخريب وتدمير في فترات كانت البلاد في أمس الحاجة إلى الأمان؛ لذلك يتطلب الملف الحقوق إعادة صياغة مفهوم التظاهر المسموح به بشكل متحضر سلمي.
يحتاج الملف السياسي أيضا إلى مراجعة بعض القوانين التي صدرت في ظروف استثنائية؛ تلك القوانين التي لم تعد تخلو من ثغرات أو ارتبط وجودها بفترات معينة، مع مراجعة ملف السجناء جيدا وأظن الدولة ذات قدرة فائقة في ذلك خصوصا وقد شهدت مواسم بعينها إطلاق سراح عدد من السجناء في سياق القرارات الإنسانية الصادرة من القيادة السياسية.
تتطلب الممارسة الحزبية في مصر مراجعة شاملة من حيث وجود الأحزاب في الشارع؛ فالممارسة السياسية الواعية تتطلب أن تدرك الأحزاب أنها جزء من الدولة، وتفعل دورها ولو على الأقل في تقديم المشورة الصريحة الصادقة ودعم حوار سياسي يضمن الانتقال بالاعتراض على أي قرارات من حيز الشارع إلى أروقة الأحزاب والبرلمان ويحقق ممارسة سياسية نزيهة داعمة للإصلاح..
خصوصا وأن الممارسة الحزبية عانت بين أمرين كلاهما كارثي على الواقع السياسي أولهما ظهور أحزاب صورية كرتونية لا وجود لها ولا دور، وثانيها محاولة بعض الأحزاب القوية الموجودة على الساعة إعادة تدوير أسلوب الحزب الوطني في الهيمنة والسيطرة على العمل السياسي في البلاد.